وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» "، بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ، وَالْأَرْبَاحِ لِأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الْأَصْلِ نَفْسِهِ، فَيَنْسَحِبُ حَوْلُهُ عَلَيْهَا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، قُلْنَا: لَوْ قُدِّرَ تَسْلِيمُ ثُبُوتِهِ فَعُمُومُهُ لَيْسَ مُرَادًا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى خُرُوجِ الْأَوْلَادِ وَالْأَرْبَاحِ، وَدَلِيلُ الْخُصُوصِ مِمَّا يُعَلَّلُ، وَيَخْرُجُ بِالتَّعْلِيلِ ثَانِيًا، فَعِلَلُنَا بِالْمُجَانَسَةِ، فَقُلْنَا: إِخْرَاجُ الْأَوْلَادِ وَالْأَرْبَاحِ مِنْ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ ضَمِّهَا إِلَى حَوْلِ الْأَصْلِ لِمُجَانَسَتِهَا إِيَّاهُ، لَا لِلتَّوَلُّدِ، فَيَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ الْمُسْتَفَادُ إِذَا كَانَ مُجَانِسًا أَيْضًا، فَيُضَمُّ إِلَى مَا عِنْدَهُ بِمَا يُجَانِسُهُ، فَكَانَ اعْتِبَارُنَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْحَرَجِ اللَّازِمِ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِ فِي أَصْحَابِ الْغَلَّةِ الَّذِينَ يَسْتَغِلُّونَ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ فِي اعْتِبَارِ الْحَوْلِ لِكُلِّ مُسْتَفَادٍ مِنْ دِرْهَمٍ وَنَحْوِهُ حَرَجًا عَظِيمًا، وَشُرِعَ الْحَوْلُ لِلتَّيْسِيرِ، فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ، وَعَلَى هَذِهِ لَا حَاجَةَ إِلَى جَعْلِ اللَّامِ فِي الْحَوْلِ لِلْحَوْلِ الْمَعْهُودِ قِيَامُهُ لِلْأَصْلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، بَلْ يَكُونُ لِلْمَعْهُودِ كَوْنُهُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، غَيْرَ أَنَّهُ خَصَّ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمُسْتَفَادَ ابْتِدَاءً، وَهُوَ النِّصَابُ الْأَصْلِيُّ، أَعْنِي أَوَّلَ مَا اسْتَفَادَهُ، وَغَيْرَهُ، وَالتَّخْصِيصُ وَقَعَ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُجَانِسُ، وَبَقِيَ تَحْتَ الْعُمُومِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي لَمْ يُجَانِسْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْأَصْلِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْحَوْلُ مُرَادٌ بِهِ الْمَعْهُودُ الْمُقَدَّرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute