لِأَنَّ فِي رِوَايَتِهِ تَدْلِيسًا وَتَعْمِيَةً، وَإِبْهَامًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْوِيَ هُوَ عَنْ شُعَيْبٍ، وَشُعَيْبٌ عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ جَدِّ شُعَيْبٍ، وَهُوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عِمْرَانَ يَرْوِيهِ عَنْ شُعَيْبٍ، وَهُوَ عَنْ جَدِّهِ، فَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا. اهـ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَرَدَ بِأَنَّ الضَّعِيفَ هُوَ وَصْلُهُ، وَأَمَّا إِرْسَالُهُ فَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، فَغَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَا ثَبَتَ لِلْحَدِيثِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْأُخَرُ ضَعِيفٌ، لِيَصِحَّ هَذَا الْقَوْلُ، بَلْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ لِاحْتِمَالِ الِاتِّصَالِ وَالْإِرْسَالِ كَوْنُ الرَّاوِي مُدَلِّسًا هَذَا الْحَدِيثَ، لِاحْتِمَالِ الِاتِّصَالِ فِي الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الضَّعْفِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ لَيْسَتْ إِلَّا كَوْنَ الْمُثَنَّى ضَعِيفًا، وَالْحَدِيثُ مُنْحَصِرٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِلَّا فَالْمُرْسَلُ إِذَا كَانَ صَحِيحًا حُجَّةٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا لَمْ يُعْتَضَدْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقَدِ اعْتَضَدَ بِعُمُومِ الْخَبَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ: خَبَرِ " يَأْخُذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ "، وَخَبَرِ " فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ " فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الْعَامَّةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ بِاجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَمَّا الْحَدِيثُ فَضَعِيفٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّمَا يُرْوَى الْحَدِيثُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، لِأَنَّ الْمُثَنَّى يَضْعُفُ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْقِيحِ: قَالَ مُهَنَّى سَأَلَتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلِلْحَدِيثِ طَرِيقَانِ آخَرَانِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ بِاعْتِرَافِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنَ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يَسْتَلْزِمُ قَوْلَهُ عَنْ سَمَاعٍ، إِذْ يُمْكِنُ الرَّأْيُ فِيهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِنَاءً عَلَيْهِ، فَحَاصِلُهُ قَوْلُ صَحَابِيٍّ عَنِ اجْتِهَادٍ، عَارَضَهُ رَأْيُ صَحَابِيٍّ آخَرَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْآثَارِ: أَنَا أَبُو حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَيْسَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ، وَلَيْثٌ كَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْعُبَّادِ، وَقِيلَ: اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ لِيَذْهَبَ فَيَأْخُذَ عَنْهُ حَالَ اخْتِلَاطِهِ، وَيَرْوِيهِ، وَهُوَ الَّذِي شَدَّدَ أَمْرَ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يُشَدِّدْهُ غَيْرُهُ، عَلَى مَا عُرِفَ، وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، مَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ. اهـ، مُلَخَّصُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute