(صَدَقَةٌ) وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْأَغْلَبُ، وَأَمَّا نِصَابُ الذَّهَبِ فَعِشْرُونَ مِثْقَالَا، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهَا (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ) رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ، وَرُوِيَ بِتَنْوِينِ خَمْسٍ فَيَكُونُ ذَوْدٌ بَدَلًا عَنْهَا، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ هِيَ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ مِنْهُ خَمْسُ إِبِلٍ مِنَ الذَّوْدِ، لَا خَمْسُ أَذْوَادٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِابْنِ الْمَلَكِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الذَّوْدُ مِنَ الْإِبِلِ قِيلَ: مَا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ إِلَى التِّسْعِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرَةِ، وَاللَّفْظُ مُؤَنَّثٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ ابْنُ هَمَّامٍ: وَقَدِ اسْتُعْمِلَ هُنَا فِي الْوَاحِدِ عَلَى نَظِيرِ اسْتِعْمَالِ الرَّهْطِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: ٤٨] اهـ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الذَّوْدُ مِنَ الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِمَا، قِيلَ: إِنَّ إِضَافَةَ الْخَمْسِ إِلَى الذَّوْدِ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تُضَافَ إِلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ، وَقِيلَ: رُوِيَ خَمْسٌ مُنَوَّنًا فَيَكُونُ ذَوْدٌ بَدَلًا عَنْهُ، وَمِنَ الْإِبِلِ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِذَوْدٍ، بِخِلَافِ الْوَرِقِ، وَمِنَ التَّمْرِ، فَإِنَّهُمَا مُمَيَّزَتَانِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَمُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: " «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ أَوْسُقٍ» "، ثُمَّ أَعَادَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ تَمْرٍ ثَمْرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ بِالْمُثَنَّاةِ، وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ: وَالْوَسْقُ سِتُّونَ مَخْتُومًا، وَابْنُ مَاجَهْ: وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، وَلَأَبَى حَنِيفَةَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» " وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّازِقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: فِيمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ الْعُشْرُ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَعَارُضٌ عَامٌّ، أَوْ يَقُولُ يَتَعَارَضَانِ، وَيُطْلَبُ التَّرْجِيحُ إِنْ لَمْ يُعْرَفُ التَّارِيخُ، وَإِنْ عُرِفَ فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ، وَإِنْ كَانَ الْعَامُّ كَقَوْلِنَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ بِمُوجَبِ هَذَا الْعَامِّ هُنَا، لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَ مَعَ حَدِيثِ الْأَوْسَاقِ فِي الْإِيجَابِ فِيمَا دُونَ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ كَانَ الْإِيجَابُ أَوْلَى لِلِاحْتِيَاطِ، فَمَنْ تَمَّ لَهُ الْمَطْلُوبُ فِي نَفْسِ الْأَصْلِ الْخِلَافِيِّ تَمَّ لَهُ هُنَا، وَلَوْلَا خَشْيَةُ الْخُرُوجِ عَنِ الْغَرَضِ لَأَظْهَرْنَا صِحَّتَهُ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا الْبَحْثَ يَتِمُّ عَلَى الصَّاحِبَيْنِ لِالْتِزَامِهِمَا الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ حَمْلِ مَرْوِيِّهِمَا عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ طَرِيقَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ. اهـ، كَلَامُ الْمُحَقِّقِ ابْنُ الْهُمَامِ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute