للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَعْنَى إِذَا عَفَوْتُ عَنْهُمَا وَعَنْ أَمْثَالِهِمَا مِمَّا هُوَ أَكْثَرُ الْأَمْوَالِ (فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ) أَيْ زَكَاةَ الْفِضَّةِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ (مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ) بَيَانٌ لِلنِّصَابِ (فَإِذَا بَلَغَتْ) أَيِ الرِّقَةُ (مِائَتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ حَوْلٍ أَيِ الْوَاجِبُ (خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ لَأَبَى دَاوُدَ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ) أَيِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَبُو زُهَيْرٍ، وَهُوَ مِمَّنِ اشْتُهِرَ بِصُحْبَةِ عَلِيٍّ، وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الْأَئِمَّةُ (عَنْ عَلِيٍّ قَالَ زُهَيْرٌ) بِالتَّصْغِيرِ أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ (أَحْسَبُهُ) أَيْ أَظُنُّهُ (مَرْوِيًّا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ) أَيْ عَلِيٌّ، أَوِ النَّبِيُّ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ عَنْ زُهَيْرٍ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَجْزُومًا، لَيْسَ فِيهِ قَالَ زُهَيْرٌ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: هَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ (هَاتُوا) أَيْ فِي كُلِّ حَوْلٍ (رُبْعَ الْعُشْرِ) أَيْ مِنَ الْفِضَّةِ وَبَيَانُهُ (مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ) أَيْ مِنَ الزَّكَاةِ (حَتَّى تَتِمَّ) بِالتَّأْنِيثِ وَالتَّذْكِيرِ أَيْ تَبْلُغَ أَيِ الرِّقَةُ أَوِ الْوَرِقُ (مِائَتَيْ دِرْهَمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِيَّةِ أَيْ بَالِغَةً مِائَتَيْنِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢] (فَإِذَا كَانَتْ) أَيِ الرِّقَةُ أَوِ الْوَرِقُ (مِائَتَيْ دِرْهَمٍ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: سَوَاءً كَانَتْ مَسْكُوكَةً، أَوْ لَا، وَفِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ، مَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ نِصَابًا مَسْكُوكًا مِنْ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّ لُزُومَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقَوُّمِ، وَالْعُرْفُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَسْكُوكِ، وَكَذَا نِصَابُ السَّرِقَةِ احْتِيَاطًا لِلدَّرْءِ (فَفِيهَا) أَيْ حِينَئِذٍ (خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَا زَادَ) أَيْ عَلَى أَقَلِّ نِصَابٍ (فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ) أَيْ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ كَمَا عُلِمَ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَأُعِيدَ هُنَا لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ، لِمَا جُبِلَتِ النُّفُوسُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّحِّ، وَمَنْعِ الزَّكَاةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا عَفْوَ فِي الدَّرَاهِمِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الزَّائِدِ عَلَى النِّصَابِ بِقَدْرٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا زَكَاةَ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّائِدُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ هُوَ الْأَرْبَعِينَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، قَالَ مِيرَكُ: إِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْهُ، قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ: وَعَاصِمٌ تَكَلَّمَ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ الْمَذْكُورِ، وَالْحَارِثِ وَتَكَلَّمُوا فِيهِمَا وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مَوْقُوفًا. اهـ، أَقُولُ: وَثَّقَ عَاصِمًا الْمَذْكُورَ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْعَجْلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: صَدُوقٌ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ وَسَطٌ، وَأَمَّا الْحَارِثُ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَقَوَّى أَمْرَهُ بَعْضُهُمْ، وَلِحَدِيثِهِ شَوَاهِدُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُهُ حَدِيثُ الثِّقَاتِ، إِلَّا قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ. اهـ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَرِوَايَةُ الْحَارِثِ وَالْأَعْوَرِ لَيْسَتْ فِي الْمَصَابِيحِ، وَرَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ: مِمَّا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ (وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ) بَدَلٌ مِنْ فِي الْغَنَمِ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ (شَاةً) تَمْيِيزٌ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: ٣٢] قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَيْسَ " شَاةً " هَاهُنَا تَمْيِيزًا مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، لِأَنَّ دِرْهَمًا بَيَانُ مِقْدَارِ الْوَاحِدِ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَلَا يُعْلَمُ هَذَا مِنَ الرِّقَةِ فَيَكُونُ شَاةً هُنَا لِمَزِيدِ التَّوْضِيحِ، وَنَظَرَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ (شَاةٌ) مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَفِي الْغَنَمِ خَبَرُهُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ " كُلِّ " زَائِدَةٌ، أَوِ الْمُرَادُ بِهَا اسْتِغْرَاقُ أَفْرَادِ الْأَرْبَعِينَ، لِيُفِيدَ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِكُلٍّ مِنْ أَرْبَعِينَ، أَوِ الْوَاجِبُ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ لِلثَّانِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلَهَا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا لَفَسَدَ الْمَعْنَى، إِذْ لَا تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ هُنَا بِتَكَرُّرِ الْأَرْبَعِينَ إِجْمَاعًا، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ (إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ) أَيْ وَاحِدَةً أَوِ الْغَنَمُ عَلَى مِائَتَيْنِ (فَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>