للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ! آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: " نَعَمْ؟ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

١٠٢ - (وَعَنْ أَنَسٍ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ) مِنَ الْإِكْثَارِ (أَنْ يَقُولَ) : هَذَا الْقَوْلَ (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ) أَيْ: مُصَرِّفُهَا تَارَةً إِلَى الطَّاعَةِ، وَتَارَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ، وَتَارَةً إِلَى الْحَضْرَةِ، وَتَارَةً إِلَى الْغَفْلَةِ، ( «ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ) ، أَيِ: اجْعَلْهُ ثَابِتًا عَلَى دِينِكَ غَيْرَ مَائِلٍ عَنِ الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْخُلُقِ الْعَظِيمِ (فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ) أَيْ: بِنُبُّوتِكَ، وَرِسَالَتِكَ (وَبِمَا جِئْتَ بِهِ) : مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟) : يَعْنِي أَنَّ قَوْلَكَ هَذَا لَيْسَ لِنَفْسِكَ؛ لِأَنَّكَ فِي عِصْمَةٍ مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَّةِ خُصُوصًا مِنْ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ عَنِ الدِّينِ وَالْمِلَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ زَوَالِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ، أَوِ الِانْتِقَالِ مِنَ الْكَمَالِ إِلَى النُّقْصَانِ؟ (قَالَ: نَعَمْ) : يَعْنِي أَخَافُ عَلَيْكُمْ (إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ) : وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ: (مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) . وَالْفَرْقُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ ثَمَّةَ فَالرَّحْمَةُ سَبَقَتِ الْغَضَبَ، فَنَاسَبَ ذِكْرُ الرَّحْمَنِ، وَهُنَا وَقَعَ تَأْيِيدًا لِلْخَوْفِ عَلَيْهِمْ، فَالْمَقَامُ مَقَامُ هَيْبَةٍ وَإِجْلَالٍ، فَنَاسَبَ ذِكْرُ مَقَامِ الْجَلَالَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنْ هِدَايَةٍ أَوْ ضَلَالَةٍ، (يُقَلِّبُهَا) أَيِ: الْقُلُوبَ (كَيْفَ يَشَاءُ) : مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: تَقْلِيبًا يُرِيدُهُ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ أَيْ: يُقَلِّبُ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ شَاءَهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>