للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٦١ - وَعَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَنَفِقِي وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ» "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

١٨٦١ - (وَعَنْ أَسْمَاءَ) بِنْتِ الصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَفِقِي) أَيْ: فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ - تَعَالَى - ( «وَلَا تُحْصِي» ) أَيْ لَا تُبْقِي شَيْئًا لِلِادِّخَارِ، فَإِنَّ مَنْ أَبْقَى شَيْئًا أَحْصَاهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَا تَعُدِّي مَا أَنْفَقْتِهِ فَتَسْتَكْثِرِيهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِانْقِطَاعِ إِنْفَاقِكِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ( «فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» ) بِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلنَّفْيِ أَيْ: فَيُقِلَّ الرِّزْقَ عَلَيْكِ بِقَطْعِ الْبَرَكَةِ وَيَجْعَلَهُ كَالشَّيْءِ الْمَعْدُودِ، أَوْ فَيُحَاسِبَكِ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَأَصْلُ الْإِحْصَاءِ الْإِحَاطَةُ بِالشَّيْءِ حَصْرًا وَعَدَدًا، وَالْمُرَادُ هُنَا عَدُّ الشَّيْءِ لِلْقِنْيَةِ وَالِادِّخَارِ لِلِاعْتِدَادِ وَتَرْكِ الْإِنْفَاقِ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اهـ. فَقَوْلُهُ فِي " «فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» " مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ أَوْ عَلَى طَرِيقِ التَّجْرِيدِ ( «وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» ) الْإِيعَاءُ حِفْظُ الشَّيْءِ فِي الْوِعَاءِ أَيْ: لَا تَمْنَعِي فَضْلَ الْمَالِ عَنِ الْفَقِيرِ فَيَمْنَعَ اللَّهُ عَنْكِ فَضْلَهُ وَيَسُدَّ عَلَيْكِ بَابَ الْمَزِيدِ (ارْضَخِي) بِفَتْحِ الضَّادِ الرَّضْخُ: الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ أَيْ: أَعْطِي (مَا اسْتَطَعْتِ) أَيْ: مَا قَدَرْتِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَأَنْفِقِي شَيْئًا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَلَا تَجْعَلِيهِ حَقِيرًا، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ كَثِيرًا وَفِي مِيزَانِ الْقَبُولِ كَبِيرًا، قَالَ - تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧] وَقَالَ - جَلَّ عَظَمَتُهُ - {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠] وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا أَمَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّضْخِ لِمَا عَرَفَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا وَلَا فِي مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ كَالْكِسْرَةِ وَالتَّمْرَةِ، وَبِالطَّعَامِ الَّذِي يَفْضُلُ فِي الْبَيْتِ وَلَا يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ لِتَسَارُعِ الْفَسَادِ إِلَيْهِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>