١٨٦٥ - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» "، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٨٦٥ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقُوا الظُّلْمَ» ) أَيِ: الْمُشْتَمِلَ عَلَى الشُّحِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الدَّنِيَّةِ وَالْأَفْعَالِ الرَّدِيَّةِ ( «فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) ، قَالَ الطِّيبِيُّ: مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَيَكُونُ الظُّلْمُ ظُلُمَاتٍ عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَهْتَدِي بِسَبَبِهَا، كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِهَا الشَّدَائِدُ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: ٦٣] أَيْ: شَدَائِدِهِمَا ( «وَاتَّقُوا الشُّحَّ» ) أَيِ: الْبُخْلَ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنَ الظُّلْمِ، وَقِيلَ: الشُّحُّ بُخْلُ الرَّجُلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَالْبُخْلُ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: الْبُخْلُ يَكُونُ فِي الْمَالِ وَالشُّحُّ يَكُونُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ مَعْرُوفٍ أَوْ طَاعَةٍ فَهُوَ أَشَدُّ مَنْعًا مِنَ الْبُخْلِ، وَقِيلَ: الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ الْحِرْصِ، وَهُوَ أَنْسَبُ، وَأُفْرِدَ الشُّحُّ بِالذِّكْرِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ، فَإِنَّهُ مَنْشَأُ الْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ وَنَتِيجَةُ مَحَبَّةِ الدُّنْيَا الذَّمِيمَةِ، قَالَ - تَعَالَى - {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩] ( «فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ) فَدَاؤُهُ قَدِيمٌ وَبَلَاؤُهُ عَظِيمٌ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَلَاكُهُمْ كَوْنُهُمْ مُعَذَّبِينَ بِهِ وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ فِي الْعُقْبَى ( «حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» ) قِيلَ: إِنَّمَا كَانَ الشُّحُّ سَبَبًا لِذَلِكَ لِأَنَّ فِي بَذْلِ الْمَالِ وَمُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ التَّحَابَّ وَالتَّوَاصُلَ، وَفِي الْإِمْسَاكِ وَالشُّحِّ التَّهَاجُرَ وَالتَّقَاطُعَ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى التَّشَاجُرِ وَالتَّعَادِي مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَاسْتِبَاحَةِ الْمَحَارِمِ مِنَ الْفُرُوجِ وَالْأَعْرَاضِ وَفِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute