للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٠٩ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

١٩٠٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ» ) أَيْ لَتَمْنَعُ مَوْتَةَ فَقُلِبَتْ وَاوُهَا يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ فِي الْمَوْتِ، وَالسَّوْءُ بِفَتْحِ السِّينِ وَيُضَمُّ، وَالْمُرَادُ مَا لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ كَالْفَقْرِ الْمُدْقِعِ وَالْوَصَبِ الْمُوجِعِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي تُفْضِي بِهِ إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَنِسْيَانِ الذِّكْرِ، وَقِيلَ: مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَالْحَرْقِ وَالْغَرَقِ وَالتَّرَدِّي وَالْهَدْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي حَاشِيَةِ مِيرَكَ قَالَ الشَّارِحُ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالْمِيتَةِ السَّوْءِ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ كَالْفَقْرِ الْمُدْقِعِ وَالْوَصَبِ الْمُوجِعِ وَالْأَلَمِ - الْمُرَادُ الْمُفْلِقُ - وَالْأَغْلَالِ الَّتِي تُفْضِي إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَالْأَهْوَالِ الَّتِي تَشْغَلُهُ عَمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَمَوْتِ الْفَجْأَةِ الَّتِي هُوَ أَخْذَةُ الْآسِفِ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ: أَرَادَ بِهِ مَا تَعَوَّذَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دُعَائِهِ " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي وَمِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا» " ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ إِطْفَاءُ الْغَضَبِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَكْرُوهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا وَرَدَ: لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الصَّدَقَةُ، وَمَوْتُ السَّوْءِ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَوَخَامَةِ الْعَاقِبَةِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا وَرَدَ: الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ نَفْيَ الْمَكْرُوهِ لِإِثْبَاتِ ضِدِّهِ أَبْلَغُ مِنَ الْعَكْسِ، فَكَأَنَّهُ نَفَى الْغَضَبَ وَأَرَادَ الرِّضَا وَنَفَى الْمِيتَةَ السَّوْءَ وَأَرَادَ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْجَزَاءَ الْحَسَنَ فِي الْعُقْبَى، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧] (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>