١٩١٣ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
ــ
١٩١٣ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ» ) مَا زَائِدَةٌ وَأَيُّ مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ (كَسَا) أَيْ أَلْبَسَ (مُسْلِمًا ثَوْبًا عَلَى عُرْيٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ عَلَى حَالَةِ عُرْيٍ أَوْ لِأَجْلِ عُرْيٍ أَوْ لِدَفْعِ عُرْيٍ وَهُوَ يَشْمَلُ عُرْيَ الْعَوْرَةِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ ( «كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ» ) أَيْ مِنْ ثِيَابِهَا، الْخُضْرُ جَمْعُ أَخْضَرَ مِنْ بَابِ إِقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - " {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: ٣١] " وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ " «مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ» " بِذِكْرِهِ الْمُنْذِرِيَّ وَلَا مُنَافَاةَ ( «وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ» ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَثْمَارَهَا أَفْضَلُ أَطْعِمَتِهَا ( «وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَأٍ» ) بِفَتْحَتَيْنِ مَقْصُورًا وَقَدْ يُمَدُّ أَيْ عَطَشٍ ( «سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ» ) أَيْ مِنْ خَمْرِ الْجَنَّةِ أَوْ شَرَابِهَا. وَالرَّحِيقُ صَفْوَةُ الْخَمْرِ وَالشَّرَابُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا غِشَّ فِيهِ، وَالْمَخْتُومُ هُوَ الْمَصُونُ الَّذِي لَمْ يُبْتَذَلْ لِأَجْلِ خِتَامِهِ وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ غَيْرُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ نَفَاسَتِهِ، وَقِيلَ: الَّذِي يُخْتَمُ بِالْمِسْكِ مَكَانَ الطِّينِ وَالشَّمْعِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ الَّذِي يَخْتِمُ أَوَانِيَهُ لِنَفَاسَتِهِ وَكَرَامَتِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهُ آخِرُ مَا يَجِدُونَ مِنْهُ فِي الطَّعْمِ رَائِحَةُ الْمِسْكِ مِنْ قَوْلِهِمْ خَتَمْتُ الْكِتَابَ أَيِ: انْتَهَيْتُ إِلَى آخِرِهِ اهـ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ - خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: ٢٥ - ٢٦] وَالْمَعْنَى الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي عِنْدَ أَرْبَابِ الذَّوْقِ فَإِنَّ خَتْمَ الْأَوَانِي بِمَعْنَى مَنْعِهَا لَا يُلَائِمُ مَقَامَ الْجَنَّةِ الَّتِي لَا مَقْطُوعَةٌ وَلَا مَمْنُوعَةٌ، وَفِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute