شِمَالِهِ أُرِيدَ بِهِ كَمَالُ الْمُبَالَغَةِ أَوْ مِمَّنْ فِي جِهَةِ شِمَالِهِ (وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ) أَيْ فِي جَيْشٍ صَغِيرٍ (فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ فَاسْتَقْبَلَ الْعَدُوَّ) أَيْ وَقَاتَلَهُمْ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَمُنَاسَبَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ مُجَاهِدُونَ، فَالْأَوَّلُ يُجَاهِدُ فِي نَفْسِهِ وَيَمْنَعُهَا عَنِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَالرَّاحَةِ وَيُخَالِفُ أَقْرَانَهُ بِالسَّهَرِ وَالتِّلَاوَةِ، وَالثَّانِي يُجَاهِدُ فِي مَالِهِ وَيُخْرِجُهُ وَيُعْطِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِهِ إِخْوَانُهُ وَيُخَالِفُ غَالِبَ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي أَنَّهُمْ لَا يُعْطُونَ، وَالثَّالِثُ يُجَاهِدُ فِي بَذْلِ رُوحِهِ حَيْثُ لَا طَمَعَ لِلنَّفْسِ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَدْحِ النَّاسِ لَهُ بِالشَّجَاعَةِ وَيُخَالِفُ أَصْحَابَهُ فِي الِانْهِزَامِ، وَالْمُنَاسَبَةُ الثَّابِتَةُ أَيْضًا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ تُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ بِمَنْزِلَةِ الصَّابِرِ فِي الْغَازِينَ» ، وَالثَّانِي دَخِيلٌ بَيْنَهُمَا يَلْحَقُ بِهِمَا؛ حَيْثُ يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَعَنْ طَرِيقِهِ عَادِلُونَ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ ضَعِيفٌ (أَحَدُ رُوَاتِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ كَثِيرُ الْغَلَطِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ مَعَ كَوْنِهِ إِمَامًا فِي رِوَايَةِ الْمِقْرَاءَةِ، قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقٍ مَحْفُوظٍ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ كَثِيرُ الْغَلَطِ، هَكَذَا عِبَارَةُ التِّرْمِذِيِّ فِي جَامِعِهِ، وَتَطْبِيقُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ لَا تَخْلُو عَنْ تَكَلُّفِ تَأَمُّلٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَقْصُودَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute