للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ، وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَكُلُّ نَبِيٍّ يُجَابُ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّهُ اللَّهُ، وَيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ لِحَرَمِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي» ) . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (الْمَدْخَلِ) ، وَرَزِينٌ فِي كِتَابِهِ.

ــ

١٠٩ - (وَعَنْ عَائِشَةَ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (سِتَّةٌ) أَيْ: أَشْخَاصٌ، أَوْ أَقْوَامٌ (لَعَنْتُهُمْ) أَيْ: دَعَوْتُ عَلَيْهِمْ بِالْبُعْدِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ) : بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ وَبِدُونِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى جُمْلَةٍ قَبْلَهُ؛ إِمَّا لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَمَا قَبْلَهُ خَبَرٌ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَمَّا قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ هِيَ لَعْنَةُ رَسُولِهِ وَبِالْعَكْسِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ اسْتِئْنَافًا؛ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا بَعْدُ؟ فَأُجِيبَ: لَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَالثَّانِيَةُ مُنْبِئَةٌ عَنِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: لِمَاذَا؟ فَبِالْعَكْسِ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (وَكُلُّ نَبِيٍّ يُجَابُ) : مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ؛ يَعْنِي مِنْ شَأْنِ كُلِّ نَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يُجَابُ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْمُضَارِعِ؛ أَيْ: يُجَابُ دَعْوَتُهُ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَيُرْوَى بِالْمِيمِ أَيْ: مُجَابُ الدَّعْوَةِ، وَالْجُمْلَةُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إِمَّا ابْتِدَائِيَّةٌ، وَأَمَّا عَطْفٌ عَلَى: سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ، أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ لَعَنْتُهُمْ، وَجُمْلَةُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إِنْشَائِيَّةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْحَالِ وَصَاحَبِهَا. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: لَا يَصِحُّ عَطْفُ: وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابٌ عَلَى فَاعِلِ لَعَنْتُهُمْ، وَمُجَابٍ صِفَةٌ، وَصَحَّحَهُ الْأَشْرَفُ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ عَطْفُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْمُفْرَدِ؛ يَعْنِي لَا الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ (مُجَابٍ) صِفَةٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ عَطْفَ الْجُمْلَةِ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ (مُجَابٍ) صِفَةً لَا خَبَرًا إِذْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْأَنْبِيَاءِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَمِنْهُ فَرَّ التُّورِبِشْتِيُّ، وَأَبْطَلَ رِوَايَةَ الْجَرِّ فِي: مُجَابٍ اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ صِفَةً كَاشِفَةً (الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أَيِ: الْقُرْآنِ، وَسَائِرِ كُتُبِهِ؛ بِأَنْ يُدْخِلَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، أَوْ يُؤَوِّلَهُ بِمَا يَأْبَاهُ اللَّفْظُ، وَيُخَالِفَ الْحُكْمَ كَمَا فَعَلَتِ الْيَهُودُ، وَالزِّيَادَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي نَظْمِهِ وَحُكْمِهِ كُفْرٌ، وَتَأْوِيلُهُ بِمَا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ بِدْعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيِ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَفْظَةٌ لَمْ تَتَوَاتَرْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَاعِمًا قُرْآنِيَّتَهَا لِحَوْمَةِ الْقِرَاءَةِ بِالشَّوَاذِّ، وَإِنْ صَحَّتْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْخَبَرِ لَا الْقُرْآنِ فَلَا تُذْكَرُ إِلَّا لِبَيَانِ تَفْسِيرٍ، أَوْ زِيَادَةِ حُكْمٍ، فَمَنْ أَتَى بِهَا عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ كَمَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَشْمَلُهُ اللَّعْنُ لِفِسْقِهِ، بَلْ كُفْرِهِ إِنِ اسْتَبَاحَ مُطْلَقَ الزِّيَادَةِ فِي الْقُرْآنِ، (وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ) : تَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ) ؛ أَيِ: الْإِنْسَانُ الْمُسْتَوْلِي الْمُتَقَوِّي الْغَالِبُ، أَوِ الْحَاكِمُ بِالتَّكَبُّرِ وَالْعَظَمَةِ الناشِيءُ عَنِ الشَّوْكَةِ وَالْوِلَايَةِ، وَالْجَبَرُوتُ فَعَلُوتٌ مُبَالَغَةٌ مِنَ الْجَبْرِ وَهُوَ الْقَهْرُ، قِيلَ: وَإِنَّمَا يُطْلَقُ ذَلِكَ فِي صِفَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَنْ يُجْبِرُ نَقِيصَتَهُ بِادِّعَاءِ مَنْزِلَةً مِنَ التَّعَالِي، وَلَا يَسْتَحِقُّهَا، أَوْ بِتَوْلِيَةِ الْمَنَاصِبِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَمَنْعِهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا ( «لِيُعِزَّ مَنْ أَذَلَّهُ اللَّهُ، وَيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ» ) ؛ قِيلَ: اللَّامُ فِي لِيُعِزَّ لِلْعَاقِبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨] ، وَفِي الْحَدِيثِ: ( «لِدُوا لِلْمَوْتِ، وَابْنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>