(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)
١٩٥٣ - عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: «أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا، فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: " لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ " فَقَالَ: يُعْطِي طَعَامِي بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ، فَقَالَ: " الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا "، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٩٥٣ - (عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ) أَيْ مَمْلُوكِهِ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، وَقِيلَ: كَانَ لَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى الْأَصْنَامِ، وَكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَ تَسْمِيَتِهِ أَنَّهُ آبِي اللَّحْمِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَوْلَاهُ إِلَى الْمِسْكِينِ كَمَا يَدُلُّ قَوْلُهُ (قَالَ: أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ الْقَدِّ وَهُوَ الشَّقُّ طُولًا ( «فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: " لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ " قَالَ: يُعْطِي طَعَامِي مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَهُ» ) أَيْ بِغَيْرِ إِذْنِي إِيَّاهُ (فَقَالَ: " الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا ") أَيْ لَوْ أَرَدْتَ أَوْ رَضِيتَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: لَمْ يُرِدْ بِهِ إِطْلَاقَ يَدِ الْعَبْدِ، بَلْ كَرِهَ صَنِيعَ مَوْلَاهُ فِي ضَرْبِهِ عَلَى أَمْرٍ تَبَيَّنَ رُشْدُهُ فِيهِ، فَحَثَّ السَّيِّدَ عَلَى اغْتِنَامِ الْأَجْرِ، وَالصَّفْحِ عَنْهُ، فَهَذَا تَعْلِيمٌ وَإِرْشَادٌ لِآبِي اللَّحْمِ لَا تَقْرِيرٌ لِفِعْلِ الْعَبْدِ (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «كُنْتُ مَمْلُوكًا فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ» ؟) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (بِشَيْءٍ) أَيْ تَافِهٍ أَوْ مَأْذُونٍ فِيهِ عَادَةً (قَالَ: " «نَعَمْ وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute