١٩٧٧ - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
١٩٧٧ - (وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ) أَيْ مَوْقُوفًا " مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ " عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: لَمْ يَقُلْ يَوْمَ الشَّكِّ، وَأَتَى بِالْمَوْصُولِ لِلْمُبَالَغَةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ يُشَكُّ فِيهِ أَدْنَى شَكٍّ يُوجِبُ عِصْيَانَ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ، الَّذِي يَقْسِمُ حُكْمَ اللَّهِ بَيْنَ عِبَادِهِ بِحَسَبِ قَدْرِهِمْ وَاقْتِدَارِهِمْ فَكَيْفَ بِمَنْ صَامَ يَوْمًا الشَّكُّ فِيهِ قَائِمٌ ثَابِتٌ؟ وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣] أَيْ إِلَى الَّذِي أُونِسَ مِنْهُمْ أَدْنَى الظُّلْمِ، فَكَيْفَ بِالظَّالِمِ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ؟ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَامَ نَاوِيًا مِنْ رَمَضَانَ (فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الشَّكُّ هُوَ اسْتِوَاءُ طَرَفَيِ الْإِدْرَاكِ مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمُوجِبُهُ هُنَا أَنْ يُغَمَّ الْهِلَالُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ فَيُشَكَّ فِي الْيَوْمِ الثَّلَاثِينَ أَمِنْ رَمَضَانَ هُوَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ؟ أَوْ يُغَمَّ مِنْ رَجَبٍ هِلَالُ شَعْبَانَ فَأُكْمِلَتْ عِدَّتُهُ وَلَمْ يَكُنْ رُؤِيَ هِلَالُ رَمَضَانَ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَهُوَ الثَّلَاثُونَ أَوِ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ؟ وَمِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ أَصْحَابِنَا مَا إِذَا شَهِدَ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي الصَّحْوِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِغَلَطِهِ عِنْدَنَا لِظُهُورِهِ، فَمُقَابِلُهُ مَوْهُومٌ لَا مَشْكُوكٌ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْمٍ فَهُوَ شَكٌّ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: وَمَذْهَبُنَا إِبَاحَتُهُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ إِنْ لَمْ يُوَافِقْ صَوْمًا لَهُ، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وُجُوبُ صَوْمِهِ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، ثُمَّ هَذَا فِي عَيْنِ يَوْمِ الشَّكِّ، فَأَمَّا صَوْمُ مَا قَبْلَهُ فَفِي التُّحْفَةِ قَالَ: وَالصَّوْمُ قَبْلَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَكْرُوهٌ، أَيُّ صَوْمٍ كَانَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا تَتَقَدَّمُوا رَمَضَانَ " الْحَدِيثَ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ إِذَا اعْتَادُوا ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُكْرَهُ وَصْلُ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِدْلَالَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِرِوَايَةِ " أَنْ تَصُومُوا غَدًا " وَاحْتِمَالُ ابْنِ الْهُمَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ " فَلْيَصُومُوا " فَلَا مُعَارَضَةَ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ) قَالَ مِيرَكُ: كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ عَمَّارٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ كَذَا فِي التَّصْحِيحِ، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَصَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ، وَقَوْلُ الصَّغَانِيِّ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، ثُمَّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنَ الصَّحَابِيِّ لَا تُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ الْمُوجِبُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْبُلُوغُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْعَدْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَسْتُورِ، وَبِهِ أَخَذَ الْحُلْوَانِيِّ، فَحَاصِلُ الْخِلَافِ الْمُحَقَّقِ فِي الْمَذْهَبِ هُوَ اشْتِرَاطُ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ أَوِ الِاكْتِفَاءِ بِالسَّتْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يُتَمَسَّكُ بِهِ لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ فِي قَبُولِ الْمَسْتُورِ ; لَكِنَّ الْحَقَّ أَنْ لَا يُتَمَسَّكَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الزَّمَانَ، لِأَنَّ ذِكْرَهُ الْإِسْلَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute