للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٨٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إِنِّي أَبَيْتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» " (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

١٩٨٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ ") أَيْ تَتَابُعِ الصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ إِفْطَارٍ بِاللَّيْلِ، وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ أَنَّهُ يُورِثُ الضَّعْفَ وَالسَّآمَةَ وَالْقُصُورَ عَنْ أَدَاءِ غَيْرِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَقِيلَ: النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، وَقِيلَ: لِلتَّنْزِيهِ، قَالَ الْقَاضِي: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَاهُمْ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ» ، الْحَدِيثَ، كَمَا فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْمُ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْطِرَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّةَ، وَيَرُدُّهُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ السُّؤَالُ (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ ") بِكَسْرِ الْمِيمِ " إِنِّي " اسْتِئْنَافٌ مُبَيِّنٌ لِنَفْيِ الْمُسَاوَاةِ بَعْدَ نَفْيِهَا بِالِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ " أَبَيْتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي " قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا خَبَرٌ وَإِمَّا حَالٌ إِنْ كَانَ تَامَّةً " وَيَسْقِينِي " بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَيُضَمُّ، قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي " الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ - تَعَالَى - يُفِيضُ عَلَيْهِ مَا يَسُدُّ مَسَدَّ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَيُقَوِّيهِ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَحْرُسُهُ مِنَ الْخَلَلِ الْمُفْضِي إِلَى ضَعْفِ الْقُوَى وَكَلَالِ الْأَعْضَاءِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْخَطَّابِيِّ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ذُكِرَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الظَّاهِرِ بِأَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - طَعَامًا وَشَرَابًا لَيَالِيَ صِيَامِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ فِي قَوْلِهِ " أَيُّكُمْ مِثْلِي " يُفِيدُ التَّوْبِيخَ الْمُؤْذِنَ بِالْبُعْدِ الْبَعِيدِ، وَكَذَلِكَ لَفْظَةُ مِثْلِي، لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ هُوَ عَلَى صِفَتِي وَمَنْزِلَتِي وَقُرْبِي مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى، وَمِنْ ثَمَّةَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ (أَبِيتُ) اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ مِنْ عِنْدِهِ - تَعَالَى - كَرَامَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: " وَأَيُّكُمْ مِثْلِي "، كَمَا أَنَّهُ يُضْعِفُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ ; فَإِنَّ الْوِصَالَ مَعَ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنَ الْمُحَالِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>