١٩٩٣ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: " ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
١٩٩٣ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَفْطَرَ) أَيْ بَعْدَ الْإِفْطَارِ (قَالَ: " ذَهَبَ الظَّمَأُ ") بِفَتْحَتَيْنِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: الظَّمَأُ مَهْمُوزُ الْآخِرِ مَقْصُورٌ وَهُوَ الْعَطَشُ، وَإِنَّمَا ذُكَرْتُ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِأَنِّي رَأَيْتُ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَتَوَهَّمَهُ مَمْدُودًا اهـ وَفِيهِ أَنَّهُ قُرِئَ (لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَاءٌ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَفِي الْقَامُوسِ: ظَمِئَ كَفَرِحَ ظَمَأً وَظَمَاءً، ظَمَاءَةٌ: عَطَشٌ أَوْ أَشَدٌّ الْعَطَشِ، وَلَعَلَّ كَلَامَ النَّوَوِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الرِّوَايَةِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي اللُّغَةِ " وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ " أَيْ بِزَوَالِ الْيُبُوسَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْعَطَشِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ هُوَ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ فَاسْتِرْوَاحٌ لِأَنَّ مِنْهَا نِعْمَةً مُسْتَقِلَّةً، نَعَمْ لَوْ عُكِسَ الْعَطَشُ لَكَانَ تَأْكِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجُمْلَةِ " وَثَبَتَ الْأَجْرُ " أَيْ زَالَ التَّعَبُ وَحَصَلَ الثَّوَابُ، وَهَذَا حَثٌّ عَلَى الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ التَّعَبَ يَسِيرٌ لِذَهَابِهِ وَزَوَالِهِ، وَالْأَجْرُ كَثِيرٌ لِثَبَاتِهِ وَبَقَائِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: ذِكْرُ ثُبُوتِ الْأَجْرِ بَعْدَ زَوَالِ التَّعَبِ اسْتِلْذَاذٌ أَيَّ اسْتِلْذَاذٍ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤] " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ، وَيَصِحُّ التَّعْلِيقُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ - تَعَالَى، رَدًّا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، أَوْ لِئَلَّا يَجْزِمَ كُلُّ أَحَدٍ فَإِنَّ ثُبُوتَ أَجْرِ الْأَفْرَادِ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِنْ بِمَعْنَى إِذْ فَتَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا سَبَقَ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى مَا فِي الْحِصْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute