٢٠١١ - وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢٠١١ - (وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: الْجَهَالَةُ بِالصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ أَيْ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ (قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَرْجِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقَالَ: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَحَلٌّ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ( «يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ» ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، أَيْ مِنْ أَجْلِ دَفْعِ أَحَدِهِمَا، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُكْرَهَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَأَنْ يَنْغَمِسَ فِيهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ بُرُودَتُهُ فِي بَاطِنِهِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَوِ اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ سَوَاءً وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَا، لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَلْقِهِ أَثَرُهُ دَاخِلًا مِنَ الْمَسَامِّ، وَالْمُفْطِرُ الدَّاخِلُ مِنَ الْمَنَافِذِ كَالْمُدْخَلِ وَالْمُخْرَجِ لَا مِنَ الْمَسَامِّ الَّذِي هُوَ جَمِيعُ الْبَدَنِ، لِلِاتِّفَاقِ فِيمَنْ شَرَعَ فِي الْمَاءِ يَجِدُ بَرْدَهُ فِي بَاطِنِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ أَعَنِيَ الدُّخُولَ فِي الْمَاءِ وَالتَّلَفُّفِ بِالثَّوْبِ الْمَبْلُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الضَّجَرِ فِي إِقَامَةِ الْعِبَادَةِ، لَا لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنَ الْإِفْطَارِ اهـ فَكَأَنَّ الْإِمَامَ حَمَلَ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِظْهَارِ الْعَجْزِ وَالتَّضَرُّعِ عِنْدَ حُصُولِ الْآلَامِ وَعَلَى ارْتِكَابِ الْحِكْمَةِ فِي دَفْعِ الْمَضَرَّةِ بِالتَّعَلُّقِ بِالْأَسْبَابِ اسْتِعَانَةً لِلْقِيَامِ بِوَاجِبِ الْعُبُودِيَّةِ لِرَبِّ الْأَرْبَابِ، وَإِشَارَةً إِلَى مُشَارَكَتِهِ الْأُمَّةَ الْآمِنَةَ فِي الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ، مَيْلًا إِلَيْهِمْ وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ، وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ إِظْهَارِ الْعَجْزِ لِلرَّحْمَةِ عَلَى ضُعَفَاءَ الْأُمَّةِ (رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ) أَيْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا، ذَكَرَهُ مِيرَكُ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِانْحِصَارِ الطَّرِيقِ فِي وَاحِدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute