للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِسِنِّهِ، وَالْعِلْكُ صَمْغُ الصَّنَوْبَرِ، وَالْأَرْزَةِ وَالْفُسْتُقِ وَالسَّرْوِ وَالْيَنْبُوتِ وَالْبُطْمِ، وَهُوَ أَجْوَدُهَا، مُسَخِّنٌ مُدِرٌّ بَاهِيٌّ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَيَمْضُغُ الْعِلْكَ، قَالَ مِيرَكُ: كَذَا وَقَعَ عِنْدَ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ بِحَذْفِ كَلِمَةِ (لَا) وَهُوَ أَوْفَقُ بِالسِّيَاقِ، كَمَا لَا يَخْفَى، تَأَمَّلْ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسِّيَاقِ أَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي الرُّخْصَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ بِالْإِثْبَاتِ لَا بِالنَّفْيِ أَوِ النَّهْيِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: فَرْقٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ حَيْثُ رَخَّصَ فِي ازْدِرَادِ الْأَوَّلِ وَنَهَى عَنِ ابْتِلَاعِ الثَّانِي فَبِهَذَا الْمَعْنَى يُنَاسِبُ عَدَمَ الْإِثْبَاتِ، فَالنَّفْيُ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالنَّهْيُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَثْبَتُ، وَلِهَذَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَكُرِهَ مَضْغُ شَيْءٍ عِلْكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إِلَّا طَعَامَ صَبِيٍّ ضَرُورَةً، لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ الْمَمْنُوعَ، فَأَوْلَى أَنْ تُبِيحَ الْمَكْرُوهَ، وَلَوْ تَغَيَّرَ رِيقُ الْخَيَّاطِ بِخَيْطٍ مَصْبُوغٍ وَابْتَلَعَهُ إِنْ صَارَ رِيقُهُ مِثْلَ صِبْغِ الْخَيْطِ فَسَدَ صَوْمُهُ وَإِلَّا لَمْ يَفْسَدْ اهـ. كَلَامُهُمْ، وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْغَلَبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ الْعِلْكِ) بِالْكَسْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَتْحِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يَصِحُّ هُنَا كَسْرُ الْعَيْنِ وَفَتْحُهَا، أَيِ الرِّيقَ الْمُتَوَلِّدَ مِنَ الْعُلُوكِ أَوْ مِنْ مَضْغِهِ (لَا أَقُولُ إِنَّهُ يُفَطِّرُ) بِالتَّشْدِيدِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الِازْدِرَادِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّخْفِيفِ فَالضَّمِيرُ إِلَى الصَّائِمِ، وَفِي كَلَامِهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا لَمْ يُفَطِّرْ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى الْجَوْفِ عَيْنٌ أَجْنَبِيَّةٌ وَإِنَّمَا النَّازِلُ إِلَيْهِ مَحْضُ الرِّيقِ لَا غَيْرَ (وَلَكِنْ يُنْهَى) أَيْ: نَهْيَ تَنْزِيهٍ (عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الِازْدِرَادِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى مَضْغِ الْعِلْكِ حَيْثُ قَالَ: وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَئِمَّتُنَا أَيْضًا، فَقَالُوا: يُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ مَضْغِ الْعِلْكِ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنِ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ قَالَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُفْطِرُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْكِ وَلَا بِنُزُولِ الرِّيقِ مِنْهُ إِلَى جَوْفِهِ فَإِنْ تَفَتَّتَ فَوَصَلَ مِنْ جِرْمِهِ شَيْءٌ إِلَى جَوْفِهِ عَمْدًا، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُفْطِرْ، وَلَوْ نَزَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ دُونَ جِرْمِهِ لَمْ يُفْطِرْ، لِأَنَّ ذَلِكَ الطَّعْمَ لِمُجَاوِرَةِ الرِّيقِ لَهُ، وَقِيلَ: إِنِ ابْتَلَعَ الرِّيقَ وَفِيهِ طَعْمُهُ أَفْطَرَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ اهـ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَكُرِهَ مَضْغُ شَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ عِلْكًا أَمْ غَيْرَهُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَئِمًا بِأَنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَحَدٌ إِنْ كَانَ أَبْيَضَ، وَكَذَا إِذَا كَانَ أَسْوَدَ، وَالْأَبْيَضُ يَتَفَتَّتُ قَبْلَ الْمَضْغِ فَيَصِلُ إِلَى الْجَوْفِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ عَدَمَ الْفَسَادِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِعَدَمِ الْوُصُولِ، فَإِذَا فُرِضَ فِي بَعْضِ الْعِلْكِ مَعْرِفَةُ الْوُصُولِ مِنْهُ عَادَةً وَجَبَ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ كَالْمُتَيَقِّنِ، وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ تَعَرَّضَ لِلْفَسَادِ وَتُهْمَةِ الْإِفْطَارِ، وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ الْتُهَمِ» " وَقَالَ عَلِيٌّ: إِيَّاكَ وَمَا سَبَقَ إِلَى الْقُلُوبِ إِنْكَارُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ اعْتِذَارُهُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السِّوَاكِ فِي حَقِّهِنَّ فَإِنَّ بِنْيَتَهُنَّ ضَعِيفَةٌ، قَدْ لَا تَحْتَمِلُ السِّوَاكَ، فَيُخْشَى عَلَى اللِّثَةِ وَالسِّنِّ مِنْهُ، وَهَذَا قَائِمٌ مَقَامَهُ فَيَفْعَلْنَهُ اهـ. وَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ لِكَرَاهَتِهِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ بَابٍ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>