- {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧] وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الشَّارِحِينَ، أَيْ: لِلْهِدَايَةِ مَنْ يَحْكِي خِلَافًا بَيْنَ الْمَشَايِخِ فِي أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ، وَيُنْقَلُ اخْتِلَافُ عِبَارَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: رُخْصَةٌ، عَنَى رُخْصَةَ الْإِسْقَاطِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ، وَتَسْمِيَتُهَا رُخْصَةً مَجَازٌ، وَهَذَا بَحْثٌ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُ مَذْهَبِنَا الصَّرِيحِ فِي الْمَقْصُودِ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَتْ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ» ، فَمَعْنَى وَضَعَ أَيْ رَفَعَ ابْتِدَاءً عَنِ الْمُسَافِرِ (شَطْرَ الصَّلَاةِ) أَيْ نِصْفَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَلَا قَضَاءَ (وَالصَّوْمَ) بِالنَّصْبِ أَيْ وُجُوبَهُ (عَنِ الْمُسَافِرِ) لَكِنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِذَا أَقَامَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ عَنِ الْمُسَافِرِ بَعْدَ الصَّوْمِ لِيَصِحَّ عَطْفُ عَنِ الْمُرْضِعِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ شَطْرَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مَوْضُوعًا عَنِ الْمُرْضِعِ (وَعَنِ الْمُرْضِعِ) وَلَمْ تَدْخُلْهُ التَّاءُ لِلِاخْتِصَاصِ مِثْلُ حَائِضٍ (وَالْحُبْلَى) لَكِنْ يَقْضِيَانِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ عَلَى الْحَامِلِ دُونَ الْمُرْضِعِ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا قَضَتَا وَلَا فِدْيَةَ، وَإِنْ خَافَتَا عَلَى الْوَلَدِ فَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ أَيْضًا كَمَا فِي الْكَفَّارَاتِ اهـ وَلَنَا أَنَّ الْفِدْيَةَ ثَبَتَتْ فِي الشَّيْخِ الْفَانِي عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ يَجْمَعُ نَظْمُ الْكَلَامِ أَشْيَاءَ ذَاتَ عَدَدٍ مَسُوقَةً فِي الذِّكْرِ مُتَفَرِّقَةً فِي الْحُكْمِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ) وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُ (وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) وَكَذَا أَحْمَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute