٢٠٤٣ - «وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٢٠٤٣ - ( «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَائِمًا فِي الْعَشْرِ» ) أَيِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (قَطُّ) قِيلَ: دَلَّ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، عَلَى أَنَّ صَوْمَ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ سُنَّةٌ فَكَيْفَ لَا يَصُومُ، وَقَوْلُ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ. . إِلَخْ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا سُنَّةً إِذَا جَازَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ وَلَا تَعْلَمُ هِيَ، وَإِذَا تَعَارَضَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ فَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ أَوْلَى عَلَى فَرْضِ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا عَلَى احْتِمَالِهِ فَلَا مَعَ بُعْدِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَيَّامِ أَوْقَاتُ نَوْبَتِهَا وَقَوْلُهَا قَطُّ يَنْفِي الْقَوْلَ بِحَمْلِ الرُّؤْيَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَأَيْضًا عَدَمُ صِيَامِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا سُنَّةً لِأَنَّهَا كَمَا تَثْبُتُ بِالْفِعْلِ تَثْبُتُ بِالْقَوْلِ، وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَغَّبَ فِي صِيَامِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنَ الثَّوَابِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا مَا يَقْتَضِي اخْتِيَارَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلِذَا مَا كَادَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، مَعَ أَنَّهُ قَالَ: " «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - " وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْضُ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصُومُ تِسْعَ الْحِجَّةِ» فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا أَحْيَانًا، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَيْهَقِيِّ: سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ، وَأَعْظَمُهَا حُرْمَةً ذُو الْحِجَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ ذَا الْحِجَّةِ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ رَجَبٌ أَوِ الْمُحَرَّمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute