٢٠٦٥ - وَعَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.
ــ
٢٠٦٥ - (وَعَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ) أَيِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، مَسْعُودٌ تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَنَقَلَ مِيرَكُ عَنِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ ابْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي التَّابِعَيْنِ اهـ. وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: هُوَ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، رَوَى عَنْهُ نُمَيْرُ بْنُ عَرِيبٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّوْمِ، وَقَالَ: وَهُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَامِرَ بْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا صُحْبَةَ لَهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» ") لِوُجُودِ الثَّوَابِ بِلَا تَعَبٍ كَثِيرٍ، وَفِي الْفَائِقِ: الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ عَفْوًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصْطَلَى دُونَهَا بِنَارِ الْحَرِّ وَيُبَاشَرَ حَرُّ الْقِتَالِ فِي الْبِلَادِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهَيْئَةُ الطَّيِّبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَيْشِ الْبَارِدِ، وَالْأَصْلُ فِي وُقُوعِ الْبَرْدِ عِبَارَةٌ عَنِ الطِّيبِ، وَالْهَنَاةُ أَنَّ الْمَاءَ وَالْهَوَاءَ لَمَّا كَانَ طِيبُهُمَا بِبَرْدِهِمَا خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ قِيلَ: مَاءٌ بَارِدٌ وَهَوَاءٌ بَارِدٌ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِطَابَةِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ: عَيْشٌ بَارِدٌ وَغَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ، وَبَرَدَ أَمَرُنَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالتَّرْكِيبُ مِنْ قَلْبِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ كَالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَةِ وَفِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ، أَنْ يُلْحَقَ النَّاقِصُ بِالْكَامِلِ، كَمَا يُقَالُ: زِيدٌ كَالْأَسَدِ، فَإِذَا عُكِسَ وَقِيلَ: الْأَسَدُ كَزَيْدٍ، يُجْعَلُ الْأَصْلُ كَالْفَرْعِ، وَالْفَرْعُ كَالْأَصْلِ يَبْلُغُ التَّشْبِيهُ إِلَى الدَّرَجَةِ الْقُصْوَى فِي الْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّائِمَ يَحُوزُ الْأَجْرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهُ حَرُّ الْعَطَشِ أَوْ يُصِيبَهُ أَلَمُ الْجُوعِ مِنْ طُولِ الْيَوْمِ اهـ فَجُعِلَ الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَحْذُوفَ الْأَدَاةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْمُفِيدَةَ لِلْحَصْرِ لِتَعْرِيفِ جُزْئَيْهَا، فَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ الْبَارِدَةَ هِيَ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ جَاءَ مُسْنَدُ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " «الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ» "، وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ: " قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ، وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ "، (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَامِرَ بْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيِّ اهـ كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ نَقَلَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ غَيْرُ صَوَابٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute