٢٠٧١ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضَ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
ــ
٢٠٧١ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضَ» ) أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِيِ الْبِيضِ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ، لِأَنَّهَا الْمُقْمِرَاتُ مِنْ أَوَائِلِهَا إِلَى أَوَاخِرِهَا، فَنَاسَبَ صِيَامَهُمَا شُكْرًا لِلَّهِ - تَعَالَى - قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَنْ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْأَيَّامِ الْبِيضِ فَقَدْ لَحَنُوهُ لِأَنَّ الْأَيَّامَ كُلَّهَا بِيضٌ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: الْأَيَّامُ الْبِيضُ لَيَالِيهَا، أَوِ الْمُرَادُ أَيَّامُ صِيَامِهِنَّ مُكَفِّرَاتٌ لِلذُّنُوبِ مُبَيِّضَاتٌ لِلْقُلُوبِ، أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى مَا رُوِيَ: أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْوَدَّ أَعْضَاؤُهُ الْعِظَامُ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنْ دَارِ السَّلَامِ، فَأُمِرَ بِصِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَبِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ يَبْيَضُّ ثُلُثُ جَسَدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ أَقُولُ: يَتَعَيَّنُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ لِأَنَّ الْأَيَّامَ الْبِيضَ وَقَعَ فِيهَا أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ: وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُقَالَ أَيَّامُ الْبِيضِ لِأَنَّ الْبِيضَ مِنْ صِفَةِ اللَّيَالِي، فَمَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ) أَيْ وَلَا فِي سَفَرٍ وَ (لَا) مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، قَالَ مِيرَكُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ أَيَّامِ الْبِيضِ، قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: حَاصِلُ الْخِلَافِ فِي تَقْرِيرِ أَيَّامِ الْبِيضِ تِسْعَةٌ أَحَدُهَا عَدَمُ التَّعْيِينِ، وَكُرِهَ التَّعْيِينُ، الثَّانِي الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مِنَ الشَّهْرِ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، الثَّالِثُ: مِنَ الثَّانِي عَشَرَ إِلَى الرَّابِعَ عَشَرَ، الرَّابِعُ: مِنَ الثَّالِثَ عَشَرَ إِلَى الْخَامِسَ عَشَرَ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، الْخَامِسُ أَوَّلُهُمَا أَوَّلُ سَبْتٍ مَنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الثُّلَاثَاءِ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - السَّادِسُ: أَوَّلُهَا أَوَّلُ خَمِيسٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ مِنْ أَوَّلِ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ، وَهَكَذَا السَّابِعُ أَوَّلُ اثْنَيْنِ ثُمَّ خَمِيسٍ، ثُمَّ هَكَذَا الثَّامِنُ أَوَّلُ يَوْمٍ وَالْعَاشِرُ وَالْعِشْرُونَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا، التَّاسِعُ أَوَّلُ كُلِّ عَشْرٍ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ شَعْبَانَ الْمَالِكِيِّ، اهـ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: بَقِيَ آخَرُ وَهُوَ آخِرُ ثَلَاثٍ مِنَ الشَّهْرِ، فَتِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ اهـ. وَلَعَلَّهُمْ عَدَلُوا عَنْ ذِكْرِهِ مَعَ كَمَالِ ظُهُورِهِ لِعَدَمِ إِمْكَانِ ضَبْطِهِ وَتَقْدِيرِهِ (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَيَّامُ الْبِيضِ ثَالِثَ عَشْرَةَ وَرَابِعَ عَشْرَةَ وَخَامِسَ عَشْرَةَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ شُذُوذُ أَقْوَالٍ تِسْعَةٍ أَوْ عِشْرَةٍ حَكَاهَا الْعِرَاقِيُّ فِي تَعْيِينِ الْبِيضِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، اهـ. وَهَذَا مُجَازَفَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ الْعِرَاقِيَّ بِنَفْسِهِ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَكَرَ الْبَقِيَّةَ عَلَى طَرِيقِ الشُّذُوذِ بَعْضُهَا مُسْنَدٌ إِلَى الْأَكَابِرِ وَبَعْضُهَا مَسْقُوطٌ عَنْهُ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ أَصْلًا، لِهَذَا تَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ، وَكَرَّرَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ بِوَاحِدَةٍ بِهَا صَارَتْ عَشْرَةً كَامِلَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute