للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣١ - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١] وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٢١٣١ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَمْ تَرَ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِرَاءَةِ، أَيْ أَلَمْ تَعْلَمْ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ الصَّالِحُ لِأَنْ يُخَاطِبَ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِطَابَ خَاصٌّ لِلرَّاوِي وَالْمُرَادَ عَامٌّ (آيَاتٍ أُنْزِلَتْ) صِفَةُ الْآيَاتِ (اللَّيْلَةَ) نَصْبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ وَتَعْجِيبٍ، وَأَشَارَ إِلَى سَبَبِ التَّعَجُّبِ بِقَوْلِهِ (لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ) ، أَيْ فِي بَابِهِمَا وَهُوَ التَّعَوُّذُ وَهُوَ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ وَرَفْعُ مِثْلِهِنَّ، وَفَى نُسْخَةٍ بِالْخِطَابِ عَلَى صِيغَةِ الْفَاعِلِ وَنَصْبِ مِثْلِهِنَّ وَقَوْلُهُ (قَطُّ) لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ فِي الْمَاضِي {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١] وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، أَيْ لَمْ تُوجَدْ آيَاتُ سُورَةٍ كُلُّهُنَّ تَعْوِيذٌ لِلْقَارِئِ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ مِثْلَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ فِيهِمَا لَيْسَ مِنْ آيَاتِهِمَا، وَيُوَافِقُ مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ، وَوَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا، وَلَمَّا سُحِرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَشْفَى بِهِمَا، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْبَعْضِ، أَيْ لِبَعْضٍ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَفِي جَوَاهِرِ الْفِقْهِ: يَكْفُرُ مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ مُؤَوَّلٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: كَفَرَ مُطْلَقًا أَوَّلَ أَوْ لَمْ يُؤَوِّلْ، وَفِى بَعْضِ الْفَتَاوَى فِي إِنْكَارِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كُفْرٌ كَذَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ قَالَ: الْمُعَوِّذَتَانِ لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ لَا يُكَفَّرُ، هَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَكْفُرُ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرَ لَا يَرْفَعُ الِاخْتِلَافَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ إِمَّا مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ عَلَى رَأْيٍ، وَإِمَّا صَحِيحٌ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ لَكِنَّهُ نُفِيَ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ عِلْمِهِ، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِ نَفْيِهِ وَعَلَى أَنَّ لَفْظَ قُلْ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>