للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٥٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٢١٥٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ سُورَةً) ، أَيْ عَظِيمَةً (فِي الْقُرْآنِ) ، أَيْ كَائِنَةً فِيهِ، وَنَصْبَ صِفَةً لِاسْمِ إِنَّ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: فِي بِمَعْنَى مِنْ (ثَلَاثُونَ آيَةً) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هِيَ ثَلَاثُونَ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لَهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ (شَفَعَتْ) بِالتَّخْفِيفِ خَبَرُ إِنَّ كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثُونَ خَبَرٌ لـ (إِنَّ) وَقَوْلُهُ شَفَعَتْ خَبَرٌ ثَانٍ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَوِ اسْتِئْنَافٌ فَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْبُعْدِ مَعْنًى قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: شُفِّعَتْ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ مُشَدَّدًا، أَيْ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهَا، وَقِيلَ: عَلَى الْفَاعِلِ مُخَفَّفًا وَهَذَا أَقْرَبُ اهـ وَعَلَيْهِ النُّسَخُ الْمَقْرُوأَةُ الْمُصَحَّحَةُ، وَالشَّفَاعَةُ لِلسُّورَةِ إِمَّا عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَإِمَّا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ وَإِمَّا عَلَى أَنَّهَا تَتَجَسَّمُ كَمَا مَرَّ، وَفِي سُوقِ الْكَلَامِ عَلَى الْإِبْهَامِ ثُمَّ التَّفْسِيرُ تَفْخِيمٌ لِلسُّورَةِ، إِذْ لَوْ قِيلَ: إِنَّ سُورَةَ تَبَارَكَ شَفَعَتْ لَمْ تَكُنْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: الْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ وَآيَةٌ تَامَّةٌ مِنْهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا ثَلَاثِينَ آيَةً إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا آيَةً تَامَّةً مِنْهَا، وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ مِنْ غَيْرِ كَوْنِهَا آيَةً تَامَّةً مِنْهَا، فَهِيَ إِمَّا لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْهَا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْأَكْثَرِينَ، وَإِمَّا لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنَ الْآيَةِ الْأُولَى كَرِوَايَةٍ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِشَفَعَتْ وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ فِي الْخَبَرِ يَعْنِي كَانَ رَجُلٌ يَقْرَؤُهَا وَيُعَظِّمُ قَدْرَهَا فَلَمَّا مَاتَ شَفَعَتْ لَهُ حَتَّى دُفِعَ عَنْهُ عَذَابُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، أَيْ تَشْفَعُ لِمَنْ يَقْرَأُهَا فِي الْقَبْرِ أَوْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّنْكِيرُ فِي رَجُلٍ لِلْإِفْرَادِ شَخْصًا، أَيْ شَفَعَتْ لِرَجُلٍ مِنَ الرِّجَالِ، وَلَوْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ شَفَعَتْ بِمَعْنَى تُشَفَّعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: ٤٤] وَ " {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا} [الفتح: ١] " لَكَانَ إِخْبَارًا عَنِ الْغَيْبِ وَأَنَّ رَجُلًا مَا يَقْرَؤُهَا تَشْفَعُ لَهُ فَيَكُونُ تَحْرِيضًا لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى قِرَاءَتِهَا (وَهِيَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] ، أَيْ إِلَى آخِرِهَا (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: وَدِدْتُ أَنَّهَا فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>