وَهِيَ لَمَّا تَمَّ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَعَلُّقٌ أَوْ كَانَ مَعْنًى فَابْتَدِ
فَالتَّامُّ فَالْكَافِي وَلَفَظًا فَامْنَعْنَ إِلَّا رُءُوسَ الْآيِ جُوِّزَفَالْحَسَنُ
وَشَرْحُهُ يَطُولُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ الْوُقُوفِ فِي الْوَقْفِ عَلَى رَأْسِ الْآيَةِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ تَعَلُّقٌ لَفْظِيٌّ كَمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ: بِأَنَّ وَقْفَهُ كَانَ لِيُبَيِنَ لِلسَّامِعِينَ رُءُوسَ الْآيِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْوَصْلَ أَوْلَى فِيهَا، وَالْجَزَرِيُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا بِالِانْفِصَالِ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ: وَلِهَذَا قَالَ حَدِيثُ اللَّيْثِ أَصَحُّ إِذْ لَا دَخْلَ لِلْمَبْحَثِ بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَصَحَّ مِنْ بَعْضٍ مَعَ أَنَّ كَوْنَ الْحَدِيثِ أَصَحُّ بِالِاتِّصَالِ يَقْوَى الْحُكْمُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ بِالِانْفِصَالِ فَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ) لِأَنَّ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يَرَ أُمَّ سَلَمَةَ فَيَكُونُ حَدِيثُهُ مُنْقَطِعًا لِتَرْكِ الْوَاسِطَةِ (لِأَنَّ اللَّيْثَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَعْلَى ابْنِ مَمْلَكٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ اللَّيْثِ) ، أَيْ: إِسْنَادُهُ، لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِذِكْرِ ابْنِ مَمْلَكٍ (أَصَحُّ) ، أَيْ: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعًا، قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ: هُوَ لَيْثُ ابْنُ سَعْدٍ فَقِيهُ أَهْلِ مِصْرَ رُوِىَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَدِمَ بَغْدَادَ وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ وِلَايَةَ مِصْرَ فَأَبَى وَاسْتَعْفَاهُ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: كَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَسْتَغِلُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، وَيَعْلَى بْنُ مَمْلَكٍ تَابِعِيٌّ، وَرَوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، هَذَا وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ الْمَلَكِ الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ: حَدِيثُ اللَّيْثِ أَصَحُّ، أَيِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَصَحُّ مِنَ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ بِسَدِيدَةٍ سَنَدًا وَلَا مُرْضِيَةٍ لَهْجَةً ; لِأَنَّ فِيهَا فَصْلًا بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ يُسَمَّى حَسَنًا، فَقَوْلُهُ غَيْرُ مُرْضِيَةٍ لَهْجَةً يَكُونُ قَبِيحًا، ثُمَّ لَيْسَ هُنَا رِوَايَتَانِ بَلْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ مُسْنَدَةٌ بِسَنَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مُنْقَطِعٌ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ وَالثَّانِي أَصَحُّ وَيُقَابَلُ الْأَصَحُّ بِالصَّحِيحِ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ اتِّفَاقًا، فَقَوْلُهُ لَيْسَتْ بِسَدِيدَةٍ لَيْسَ بِسَدِيدٍ عَلَى الصَّوَابِ، وَالذُّهُولُ عَنِ اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْقُرَّاءِ أَوْقَعَهُمَا فِي خَطَأِ الْجَوَابِ، وَخَبْطِ الْعُجَابِ لَا يُقَالُ مُرَادُهُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّا نَقُولُ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ احْتِرَازًا عَنِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute