الْعَامَّةِ إِلَى تَرْكِ التَّدَافُنِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْهُ، وَيُؤَدِّي الْخَاصَّةَ إِلَى اخْتِلَاطِ عُقُولِهِمْ وَانْخِلَاعِ قُلُوبِهِمْ مِنْ تَصَوُّرِ ذَلِكَ الْهَوْلِ الْعَظِيمِ، فَلَا يَقْرَبُونَ جِيفَةَ مَيِّتٍ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ كَيْفَ يَلِيقُ بِمُؤْمِنٍ أَنْ يَتْرُكَ الدَّفْنَ الْمَأْمُورَ بِهِ حَذَرًا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ تَعْذِيبَ أَحَدٍ عَذَّبَهُ وَلَوْ فِي بَطْنِ الْحِيتَانِ وَحَوَاصِلِ الطُّيُورِ. (ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ) : تَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُهُ بِعَيْنِي ( «فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» ) ، أَيِ: اطْلُبُوا مِنْهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْكُمْ عَذَابَهَا ( «قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» ) ، أَيْ: نَعْتَصِمُ بِهِ مِنْهَا (قَالَ: ( «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ) . قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) . وَلَعَلَّ تَقْدِيمَ عَذَابِ النَّارِ فِي الذِّكْرِ مَعَ أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ مُقَدَّمٌ فِي الْوُجُودِ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ وَأَبْقَى وَأَعْظَمَ وَأَقْوَى. قَالَ: (تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، جَمْعُ فِتْنَةٍ وَهِيَ الِامْتِحَانُ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكْرِ وَالْبَلَاءِ وَهُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ: بَدَلٌ مِنَ الْفِتَنِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ شُمُولِهَا لِأَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَخْلُو مِنْهُمَا، أَيْ: مَا جُهِرَ وَأُسِرَّ، وَقِيلَ: مَا يَجْرِي عَلَى ظَاهِرِ الْإِنْسَانِ، وَمَا يَكُونُ فِي الْقَلْبِ مِنَ الشِّرْكِ وَالرِّيَاءِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَذْمُومَاتِ الْخَوَاطِرِ. ( «قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ) .، أَيْ: كُلِّ فِتْنَةٍ تَجُرُّ إِلَى عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ إِلَى عَذَابِ النَّارِ ( «قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» ) . خُصَّ؛ فَإِنَّهُ أَكْبَرُ الْفِتَنِ حَيْثُ يَجُرُّ إِلَى الْكُفْرِ الْمُفْضِي إِلَى الْعَذَابِ الْمُخَلَّدِ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute