للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٧١ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " حِلَقُ الذِّكْرِ» " (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ــ

٢٢٧١ - (وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ) : مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ، أَوْ بِمَا يُوصِلُ إِلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ (فَارْتَعُوا) : كِنَايَةً عَنْ أَخْذِ الْحَظِّ الْأَوْفَرِ وَالنَّصِيبِ الْأَوْفَى (قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتُفْتَحُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، جَمْعُ الْحَلَقَةِ مِثْلَ قَصْعَةٍ وَقِصَعٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يَسْتَدِيرُونَ كَحَلْقَةِ الْبَابِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ الْحَلْقَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَحَكَى ابْنُ عَمْرٍو: أَنَّ الْوَاحِدَ حَلَقَةٌ بِالتَّحْرِيكِ وَالْجَمْعُ حَلَقٌ بِالْفَتْحِ اهـ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الْجِنْسَ. قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ فِي الْمَكَانِ وَالذِّكْرِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيِّدِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ، وَالذِّكْرُ هُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَخْ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ: وَقِيلَ: هِيَ مَجَالِسُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَذِكْرُ الْفَرْدِ الْأَكْمَلِ بِالْخُصُوصِ لَا يُنَافِي عُمُومَ الْمَنْصُوصِ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى، إِذَا مَرَرْتُمْ بِجَمَاعَةٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فَاذْكُرُوهُ أَنْتُمْ مُوَافَقَةً لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يُسْتَحَبُّ الذِّكْرُ يُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ فِي حَلَقِ أَهْلِهِ، وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِالْقَلْبِ، وَقَدْ يَكُونُ بِاللِّسَانِ، وَأَفْضَلُ مِنْهُمَا مَا كَانَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ جَمِيعًا، فَإِنِ اقْتُصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالْقَلْبُ أَفْضَلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُتْرَكَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ مَعَ الْقَلْبِ بِالْإِخْلَاصِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ الرِّيَاءُ، وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الْفُضَيْلِ: تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ. وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُخَلِّصَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا، لَكِنْ لَوْ فَتَحَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مُلَاحَظَةِ النَّاسِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ طُرُقِ ظُنُونِهِمُ الْبَاطِلَةِ لَانْسَدَّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَبْوَابِ الْخَيْرِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>