لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
(قَالَ: " آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ؟) : لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْإِخْلَاصَ (قَالُوا: آللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَلِكَ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ) : لِأَنَّهُ خِلَافُ حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُؤْمِنِينَ (وَلَكِنَّهُ) : أَيِ الشَّأْنُ، وَفَى نُسْخَةٍ وَلَكِنِّي (أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ) : نَقْلٌ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا كَانَ الظَّاهِرُ بِهِمْ، قِيلَ: مَعْنَى الْمُبَاهَاةِ بِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبِيدِي هَؤُلَاءِ كَيْفَ سُلِّطَتْ عَلَيْهِمْ نُفُوسُهُمْ، وَشَهَوَاتُهُمْ، وَأَهْوِيَتُهُمْ، وَالشَّيْطَانُ، وَجُنُودُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ قَوِيَتْ هِمَّتُهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ هَذِهِ الدَّوَاعِي الْقَوِيَّةِ إِلَى الْبَطَالَةِ وَتَّرَكِ الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ، فَاسْتَحَقُّوا أَنْ يُمْدَحُوا أَكْثَرَ مِنْكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ لَا تَجِدُونَ لِلْعِبَادَةِ مَشَقَّةً بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْكُمْ كَالتَّنَفُّسِ مِنْهُمْ، فَفِيهَا غَايَةُ الرَّاحَةِ وَالْمُلَاءَمَةِ لِلنَّفْسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَحَقَّقَ مَا هُوَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ، فَالتَّحْلِيفُ لِمَزِيدِ التَّقْرِيرِ وَالتَّأْكِيدِ لَا التُّهْمَةِ، كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي وَضْعِ التَّحْلِيفِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يُتَّهَمُ لَا يَحْلِفُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute