للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٣ - (وَعَنْهُ) ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، ثُمَّ سَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

١٣٣ - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ عُثْمَانَ (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا فَرَغَ) : مَعْلُومٌ، وَقِيلَ مَجْهُولٌ (مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ) : الْمُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ النَّكِرَةِ (وَقَفَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ (فَقَالَ) ، أَيْ: لِأَصْحَابِهِ (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ) : أَيِ اطْلُبُوا الْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِ أَخِيكُمُ الْمُؤْمِنِ، وَذِكْرُ الْأَخِ لِلْعَطْفِ عَلَيْهِ وَاسْتِكْثَارِ الدُّعَاءِ لَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ الْأَحْيَاءِ يَنْفَعُ الْأَمْوَاتَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (ثُمَّ سَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ) : ضَمَّنَ السُّؤَالَ مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَلِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ} [المعارج: ١] أَيِ ادْعُوَا لَهُ بِدُعَاءِ التَّثْبِيتِ يَعْنِي قُولُوا ثَبَّتَهُ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، أَوِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، وَهُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَهَذَا أَفْضَلُ مِنَ التَّلْقِينِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ. (فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّلْقِينِ عِنْدَ الدَّفْنِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ، وَلَا نَجِدُ فِيهِ حَدِيثًا مَشْهُورًا وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَرْضُ الِاعْتِقَادِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْحَاضِرِينَ وَالدُّعَاءُ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَالْإِرْغَامُ لِمُنْكِرِي الْحَشْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَأَوْرَدَ الْغَزَّالِيُّ فِي " الْإِحْيَاءِ "، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ " الْأَدْعِيَةِ حَدِيثًا فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَالْمُرَادُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَلْقِينِ الْمَيِّتِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ وَكَيْفِيَّتُهُ مَشْهُورَةٌ، وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِنَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، كَيْفَ وَفِيهِ حَدِيثٌ صَرِيحٌ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ اتِّفَاقًا بَلِ اعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ يَرْتَقِي بِهَا إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَذُكِرَ فِي " الْأَذْكَارِ " عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ. قَالُوا: وَإِنْ خَتَمُوا الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَانَ حَسَنًا. وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَحَبَّ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوَّلُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتُهَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُقْرَأُ أَوَّلُ الْبَقَرَةِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَخَاتِمَتُهَا عِنْدَ رِجْلِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَقَالَ مِيرَكُ شَاهْ: بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>