سَبْعِينَ مَرَّةً) : يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ لِلرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا جَمِيعًا التَّكْثِيرُ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَوْبَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً وَاسْتِغْفَارُهُ لَيْسَ لِذَنْبٍ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، بَلْ لِاعْتِقَادِ قُصُورِهِ فِي الْعُبُودِيَّةِ عَمَّا يَلِيقُ بِحَضْرَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَحَثٌّ لِلْأُمَّةِ عَلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِهِ مَعْصُومًا، وَكَوْنِهِ خَيْرَ الْمَخْلُوقَاتِ إِذَا اسْتَغْفَرَ وَتَابَ إِلَى رَبِّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَكَيْفَ بِالْمُذْنِبِينَ، وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ بِالْمَقَالِ وَالْفِعَالِ جَمِيعًا، وَالْمَغْفِرَةُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَصُونَ الْعَبْدَ مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ عَذَابٌ.
قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَانَ فِي الْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَرُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَكُمُ الْآخَرَ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ. أَمَّا الْمَرْفُوعُ، فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الْبَاقِي مِنْهُمَا فَالِاسْتِغْفَارُ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: ٣٣] أَقُولُ: إِذَا كَانَ الِاسْتِغْفَارُ يَنْفَعُ الْكُفَّارَ، فَكَيْفَ لَا يُفِيدُ الْمُؤْمِنِينَ الْأَبْرَارَ، وَقِيلَ: اسْتِغْفَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذُنُوبِ الْأُمَّةِ فَهُوَ كَالشَّفَاعَةِ لَهُمْ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute