للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّاهِبَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، (أَنْ تَبَاعَدِي) : بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ: عَنِ الْمَيِّتِ، فَهَذَا فَضْلٌ فِي صُورَةِ عَدْلٌ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ نِيَّةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَمَنْ قَالَ هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَدْ خَالَفَ الرِّوَايَةَ وَالدِّرَايَةَ. (فَقَالَ) أَيِ: اللَّهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (قِيسُوا) : الْخِطَابُ لِلْمَلَائِكَةِ الْمُتَخَاصِمِينَ أَيْ قَدِّرُوا (مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، فَإِلَى أَيِّ قَرْيَةٍ أَقْرَبَ فَإِلْحَاقُهُ بِأَهْلِهَا أَوْجَبُ. (فَوُجِدَ) أَيِ: الْمَيِّتُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (إِلَى هَذِهِ) أَيِ: الْقَرْيَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إِلَيْهَا، وَهِيَ قَرْيَةُ الصَّالِحِينَ (أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ) : دَلَّ عَلَى سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِطَالِبِ التَّوْبَةِ، فَضْلًا عَنِ التَّائِبِ، رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى تَوْبَةً نَصُوحًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِذَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْ عَبْدِهِ أَرْضَى عَنْهُ خُصُومَهُ، وَرَدَّ مَظَالِمَهُ، فَفِي الْحَدِيثِ تَرْغِيبٌ فِي التَّوْبَةِ، وَمَنْعُ النَّاسِ عَنِ الْيَأْسِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَفِيهِ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ: «فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلَقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ; فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ» . اهـ. وَفِيهِ تَفْضِيلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>