للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٦٨ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

٢٣٦٨ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ» ) بِكَسْرِ الشِّينِ، أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ضَرَبَ الْعَرَبُ مَثَلًا بِالشِّرَاكِ ; لِأَنَّ سَبَبَ حُصُولِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إِنَّمَا هُوَ بِسَعْيِ الْعَبْدِ، وَيُجْرَى السَّعْيُ بِالْأَقْدَامِ، وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ خَيْرًا اسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ بِوَعْدِهِ، وَمَنْ عَمِلَ شَرًّا اسْتَحَقَّ النَّارَ بِوَعِيدِهِ، وَمَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ مُنْجَزَانِ فَكَأَنَّهُمَا حَاصِلَانِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ فِي دَفْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّهُ لَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ لِأَنَّ الشِّرَاكَ يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ بِخِلَافِ الْعَمَلِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: ١٣] فَالْمُعَلَّقُ بِالْعُنُقِ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنَ الْمُعَلَّقِ تَحْتَ الرِّجْلِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِإِشَارَاتِ كَلَامِ سَيِّدِ الْأَنَامِ (وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى الْمَذْكُورِ، أَيِ: النَّارُ مِثْلُ الْجَنَّةِ فِي كَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْ شِرَاكِ النَّعْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ اقْتِصَارٌ مِنَ الرَّاوِي، ثُمَّ قِيلَ هَذَا لِأَنَّ سَبَبَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَعَ الشَّخْصِ وَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالسَّيِّئُ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ إِذْ هُوَ مُجَاوِرٌ لَهُ وَالْعَمَلُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَوْ هِيَ نَفْسُهَا بِاعْتِبَارِ سُرْعَةِ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا الَّتِي يَلِيهَا دُخُولُهَا، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لَكِنْ بِظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِهِ أَقْرَبَ مِنَ الشِّرَاكِ غَيْرُ صَحِيحٍ إِلَّا مُبَالَغَةً وَادِّعَاءً كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ نَزَلَ الْوَعْدُ بِهَا النَّاجِزُ لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مَنْزِلَةَ حُصُولِهَا نَفْسِهَا فَهُوَ عَيْنُ الْقَوْلِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>