الْجُمْلَةُ بَيَانٌ وَتَفْسِيرٌ لِلْقِصَاصِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَالْحَسَنَةُ) بِوَاوِ الْعَطْفِ يَعْنِي: وَكَانَتِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَخْ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً فِي الْكُفْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ يُعْطَى لِكُلِّ حَسَنَةٍ ثَوَابَ حَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ. وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَبُرْهَانٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ حَالَ كُفْرِهِ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ حَسَنَةٌ إِلَّا صُورَةً (إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ) أَيْ: تَنْتَهِي إِلَى ذَلِكَ وَتَمْتَدُّ (إِلَى أَضْعَافٍ) أَيْ: أَمْثَالٍ (كَثِيرَةٍ) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً (وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا) عَدْلًا وَرَحْمَةً ; وَلَوْ بِالْحَرَمِ خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ (إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا) أَيْ: بِقَبُولِ التَّوْبَةِ، أَوْ بِالْعَفْوِ عَنِ الْجَرِيمَةِ، قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِي بَعْضِ النُّسَخِ (بَعْدُ) بِالْبِنَاءِ، وَالْقِصَاصُ بِالرَّفْعِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْإِضَافَةِ، وَفِي بَعْضِهَا وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَاوُ الْعَطْفِ وَفِي بَعْضِهَا بِدُونِهَا، فَمَعْنَى الْأَوَّلِ مَعَ الْعَطْفِ وَكَانَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَيْ: يَثْبُتُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ الْقِصَاصُ إِنْ جَنَى عَلَى أَحَدٍ، أَوْ كَانَ بَعْدُ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ حَقٌّ مَالِيٌّ، وَيُثْبِتُ لَهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا، وَمَعْنَاهُ بِدُونِ الْعَطْفِ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ الْحَسَنَةَ إِلَخْ يَكُونُ بَيَانًا لِلْقِصَاصِ، أَيِ: الْمُجَازَاةِ وَالتَّتَبُّعِ الَّذِي يُفْعَلُ مَعَهُ فِي حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ، وَمَعْنَى الثَّانِي مَعَ الْعَطْفِ: وَكَانَ أَيِ الْمَذْكُورُ مِنْ تَكْفِيرِ اللَّهِ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا بَعْدَ الْقِصَاصِ أَيِ: الْإِسْلَامِ، وَعَقِيبَهُ دُونَ التَّمَهُّلِ وَالتَّرَاخِي إِلَى ظُهُورِ حَسَنٍ، وَكَانَ لَهُ أَيْضًا عَقِيبَ إِسْلَامِهِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ; فَالْحَسَنَةُ عَلَى هَذَا عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي كَانَ، وَجَازَ بِدُونِ تَوْكِيدِهِ بِمُنْفَصِلٍ لِلْفَصْلِ بِالظَّرْفِ، وَمَعْنَاهُ بِدُونِ الْعَاطِفِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ فَاعِلُ (كَانَ) وَالْقِصَاصُ بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقَوَدُ أَيْضًا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute