للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا (كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ رَحْمَتَهُ أَكْثَرُ مِنْ غَضَبِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا مُؤَاخَذَةَ بَالْهَمِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ، وَالْكَلَامُ كَمَا عَلِمْتَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي الْهَمِّ الَّذِي لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ تَصْمِيمٌ، أَمَّا الْمُنْضَمُّ إِلَيْهِ ذَلِكَ فَهُوَ سَيِّئَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا. اهـ. وَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ بَلِ التَّحْقِيقُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ فِيمَا لَا اخْتِيَارَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّمَا يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ) وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِالْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ إِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ لِأَجْلِهِ تَعَالَى فَيَمْحُوَهُ، أَوْ يُبَاشِرَهُ فَيُكْتَبَ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً فَضْلًا مِنْهُ تَعَالَى (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فَانْظُرْ يَا أَخِي - وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ - إِلَى عِظَمِ لُطْفِ اللَّهِ، وَتَأَمُّلْ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ. وَقَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) إِشَارَةٌ إِلَى الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَقَوْلُهُ: (كَامِلَةً) لِلتَّوْكِيدِ وَشِدَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا، وَقَالَ فِي السَّيِّئَةِ الَّتِي هَمَّ بِهَا ثُمَّ تَرَكَهَا: كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَأَكَّدَهَا بِكَامِلَةٍ، وَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبَهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً فَأَكَّدَ تَقْلِيلَهَا بِوَاحِدَةٍ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>