للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنُ حَجَرٍ، وَقَالَ: كَانَ مِنَ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ نَحْنُ مُضَرِيُّونَ أَوْ قُرَشِيُّونَ أَوْ طَائِيُّونَ، فَعَدَلُوا عَنِ الظَّاهِرِ، أَوْ عَرَّفُوا الْخَبَرَ حَصْرًا، أَيْ: نَحْنُ قَوْمٌ لَا نَتَجَاوَزُ الْإِسْلَامَ تَوَهُّمًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَنَّ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْلِمِينَ (وَامْرَأَةٌ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ امْرَأَةً مَعَهُمْ (تَحْضِبُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: تُوقِدُ (بِقِدْرِهَا، وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا) أَيْ: صَغِيرٌ (فَإِذَا ارْتَفَعَ وَهَجٌ) بِفَتْحِ الْهَاءِ: حَرُّ النَّارِ، وَبِالسُّكُونِ مَصْدَرٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ، وَفِي نُسْخَةٍ ارْتَفَعَتْ بِاكْتِسَابِ التَّأْنِيثِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ (تَنَحَّتْ بِهِ) أَيْ: تَبَعَّدَتِ الْأُمُّ بِالْوَلَدِ عَنِ النَّارِ (فَأَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّفْرِيعِ أَنَّهَا لَمَّا رَأَتْ مَا عِنْدَهُ مِنْ مَزِيدِ الرَّحْمَةِ لِوَلَدِهَا خُصُوصًا وَلِلْعَالَمِينَ عُمُومًا تَذَكَّرَتْ رَحْمَةَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ خُصُوصًا لِعِبَادِهِ فَسَأَلَتْ عَنْهَا (فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟) اسْتِفْهَامٌ بِحَذْفِ أَدَاتِهِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ، وَلَا يُنَافِي إِسْلَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ لِعِلْمِهَا بِهِ إِجْمَالًا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ ذَاتَهُ بِعَيْنِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِلتَّقْرِيرِ وَالِاسْتِلْذَاذِ بِخِطَابِهِ بِكَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ، وَخَلِيفَتَهُ عَلَى خَلِيقَتِهِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) أَيْ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي (أَلَيْسَ اللَّهُ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؟) أَيْ: عُمُومًا (قَالَ: بَلَى) عَلَى وِزَانِ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى (قَالَتْ: أَلَيْسَ اللَّهُ أَرْحَمَ بِعِبَادِهِ مِنَ الْأُمِّ لِوَلَدِهَا) أَيْ: خُصُوصًا (قَالَ: بَلَى، قَالَتْ: إِنَّ الْأُمَّ لَا تُلْقِي وَلَدَهَا فِي النَّارِ، فَأَكَبَّ) أَيْ: شَرَعَ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: طَأْطَأَ رَأْسَهُ (يَبْكِي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ) أَيْ: عَذَابًا مُخَلَّدًا أَوِ التَّعْذِيبَ لِلْكَافِرِينَ، وَالتَّهْذِيبَ لِلْعَاصِينَ (مِنْ عِبَادِهِ) أَيْ: مِنْ جَمِيعِ عِبَادِهِ فَالْإِضَافَةُ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَغَفَلَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (إِلَّا الْمَارِدَ) أَيِ: الْعَارِيَ مِنَ الْخَيْرَاتِ (الْمُتَمَرِّدَ) مُبَالَغَةٌ لَهُ (الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللَّهِ) أَيْ: يَتَجَرَّأُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ (وَأَبَى) عَطْفٌ عَلَى يَتَمَرَّدُ، أَوْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، التَّقْدِيرُ وَقَدْ أَبَى أَيِ امْتَنَعَ (أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدٍ يَقُولُ لِأُمِّهِ: لَسْتِ أُمِّي وَأُمِّي غَيْرُكِ وَيَعْصِيهَا، وَتَتَصَوَّرُ لَهُ بِصُورَةِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَلَا شَكَّ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ عَنْهُ وَتُعَذِّبُهُ إِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>