٢٣٩١ - «وَعَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ) فَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالَجٍ فَجَعَلَ الرَّجُلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: مَا تَنْظُرُ إِلَيَّ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ " «لَمْ تُصِبْهُ فُجَاءَةُ بَلَاءٍ ". حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ تُصِبْهُ فُجَاءَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ» ) .
ــ
٢٣٩١ - (وَعَنْ أَبَانَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ يُصْرَفُ لِأَنَّهُ فَعَالٌ وَيُمْنَعُ لِأَنَّهُ أَفْعَلُ، وَالصَّحِيحُ الْأَشْهَرُ الصَّرْفُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَزَيَنُ الْعَرَبِ وَتَبِعَهُمُ ابْنُ حَجَرٍ (ابْنِ عُثْمَانَ) أَيِ: ابْنِ عَفَّانَ (قَالَ) أَيْ: أَبَانُ (سَمِعْتُ أَبِي) أَيْ: عُثْمَانَ (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ) أَيْ: فِي أَوَائِلِهِمَا، وَأَمَّا نَقْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ، ثُمَّ تَوْجِيهُهُ - فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ (بَاسِمِ اللَّهِ) أَيْ: أَسْتَعِينُ أَوْ أَتَحَفَّظُ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ بِاسْمِ اللَّهِ (الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ) أَيْ: مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ بِاعْتِقَادٍ حَسَنٍ وَنِيَّةٍ خَالِصَةٍ (شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) أَيْ: مِنَ الْبَلَاءِ النَّازِلِ مِنْهَا (وَهُوَ السَّمِيعُ) أَيْ: بِأَقْوَالِنَا (الْعَلِيمُ) أَيْ: بِأَحْوَالِنَا (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) ظَرْفُ يَقُولُ (فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ) بِالنَّصْبِ، جَوَابُ مَا مِنْ عَبْدٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى يَقُولُ، عَلَى أَنَّ الْفَاءَ هُنَا كَهِيَ فِي قَوْلِهِ: ( «لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ» ) أَيْ: لَا يَجْتَمِعُ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ الْمَضَرَّةِ كَمَا لَا يَجْتَمِعُ مَسُّ النَّارِ مَعَ مَوْتِ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَلَدِ بِشَرْطِهِ اهـ وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، لَكِنَّ الرَّفْعَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَالْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى التَّكْلِفَاتِ الْمَذْكُورَةِ (فَكَانَ أَبَانُ) بِالْوَجْهَيْنِ (قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالَجٍ) أَيْ: نَوْعٌ مِنْهُ، وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْتِرْخَاءٌ لِأَحَدِ شِقَّيِ الْبَدَنِ لِانْصِبَابِ خَلْطٍ بَلْغَمِيٍّ تَنْسَدُّ مِنْهُ مَسَالِكُ الرُّوحِ (فَجَعَلَ الرَّجُلُ) أَيِ: الْمُسْتَمِعُ (يَنْظُرُ إِلَيْهِ) أَيْ: تَعَجُّبًا (فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: مَا تَنْظُرُ إِلَيَّ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مَا هِيَ اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَصِلَتُهَا مَحْذُوفَةٌ وَتَنْظُرُ إِلَيَّ حَالٌ أَيْ: مَالَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ (أَمَا) لِلتَّنْبِيهِ وَقِيلَ: بِمَعْنَى حَقًّا (إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ ; وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ) أَيْ، مَا قَدَّرَ اللَّهُ لِي أَنْ أَقُولَهُ (يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ) بِفَتْحِ الدَّالِّ أَيْ: مَقْدُورَهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْلُهُ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ بِغَرَضٍ لَهُ كَمَا فِي قَعَدْتُ عَنِ الْحَرْبِ جُبْنًا، وَقِيلَ اللَّامُ فِيهِ لِلْعَاقِبَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: (لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ) وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: اللَّامُ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْغَرَضِ الْبَاعِثِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَبْعَثَهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ ; وَإِنَّمَا هِيَ دَالَّةٌ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ بِالنِّسْبَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] فَخَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ إِمْضَاءَ اللَّهِ لَا مَحْذُورَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً وَسَبَبًا لِعَدَمِ قَوْلِ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا النَّفْيُ فِي كَلَامِ الطِّيبِيِّ وَلَيْسَ بِغَرَضٍ لَهُ أَيْ: لِلْعَمْدِ، لَا لِلَّهِ كَمَا يُوهِمُ الْمُعْتَمِدُ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ لَا تُعَلَّلُ بِالْأَغْرَاضِ بَلْ بِالْحِكَمِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْعَالِ الْعَبْدِ مِنَ الْعَمَلِ وَتَرْكِهِ وَتَذَكُّرِهِ وَنِسْيَانِهِ. غَايَتُهُ أَنَّ هُنَا لَيْسَ غَرَضُ الْعَبْدِ وَبَاعِثُهُ مِنْ تَرَكَ قَوْلِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ إِمْضَاءَ الرَّبِّ قَدَرَهُ وَقَضَاءَهُ، وَلِذَا جَعَلَهُ الطِّيبِيُّ عِلَّةً سَبَبِيَّةً حَقِيقِيَّةً، أَوْ عِلَّةً غَائِيَّةً مَجَازِيَّةً، فَتَأَمَّلْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَاتِ لِئَلَّا تَقَعَ فِي الزَّلَلِ مِنَ الْخَيَالَاتِ الْجَبْرِيَّةِ وَالْخَبَاطَاتِ الْقَدَرِيَّةِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَفِي رِوَايَتِهِ) أَيْ: رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ (لَمْ تُصِبْهُ فُجَاءَةُ بَلَاءٍ) بِالْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةٌ، وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ مَمْدُودًا وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute