وَيَقُومُوا اللَّيْلَ، وَلَا يَنَامُوا عَلَى الْفِرَاشِ، وَلَا يَأْكُلُوا اللَّحْمَ، وَالْوَدَكَ أَيِ الدَّسَمَ مِنَ السَّمْنِ، وَالدُّهْنِ، وَلَا يَقْرَبُوا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، وَيَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى دَارَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَلَمْ يُصَادِفْهُ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَاسْمُهَا الْحَوْلَاءُ، وَكَانَتْ عَطَّارَةً: أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْ زَوْجِكِ وَأَصْحَابِهِ؟ " فَكَرِهَتْ أَنْ تَكْذِبَ وَكَرِهَتْ أَنْ تُبْدِي عَلَى زَوْجِهَا أَيْ تُظْهِرَ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ أَخْبَرَكَ عُثْمَانُ فَقَدْ صَدَقَكَ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكُمُ اتَّفَقْتُمْ عَلَى كَذَا وَكَذَا؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " إِنِّي لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ "، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا وَقُومُوا وَنَامُوا فَإِنِّي أَقُومُ وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَآكُلُ اللَّحْمَ وَالدَّسَمَ وَآتِي النِّسَاءَ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ".
ثُمَّ جَمَعَ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ حَرَّمُوا النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ وَالطِّيبَ وَالنَّوْمَ وَشَهَوَاتِ الدُّنْيَا إِنِّي لَسْتُ آمُرُكُمْ أَنْ تَكُونُوا قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي دِينِي تَرْكُ اللَّحْمِ وَالنِّسَاءِ وَلَا اتِّخَاذُ الصَّوَامِعَ، وَإِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الصَّوْمُ، وَرَهْبَانِيَّتُهُمُ الْجِهَادُ، وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحُجُّوا وَاعْتَمِرُوا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ وَاسْتَقِيمُوا يُسْتَقَمْ لَكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالتَّشْدِيدِ، شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَأُولَئِكَ بَقَايَاهُمْ فِي الدِّيَارَاتِ وَالصَّوَامِعِ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute