للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٢٢ - عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٢٤٢٢ - (وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ) أَيِ: امْرَأَةِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَكَانَتْ صَالِحَةً فَاضِلَةً، ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّحَابِيَّاتِ وَلَيْسَ لَهَا فِي الْكُتُبِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، (قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِي سَفَرِهِ، أَقُولُ: وَكَذَا فِي حَضَرِهِ ; إِذْ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ مَعَ التَّنْكِيرِ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ) أَيِ: الْكَامِلَاتِ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا نَقْصٌ وَلَا عَيْبٌ، وَقِيلَ: النَّافِعَةُ الشَّافِيَةُ، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ: أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ، أَوْ كُتُبُهُ فَإِنَّهَا قَدِيمَةٌ لَا نَقْصَ فِيهَا، وَقِيلَ: أَيْ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ أَقْضِيَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: أَيْ بِشُئُونِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِكُلِّ يَوْمٍ أَيْ: وَقْتَ هُوَ فِي شَأْنٍ - فَغَيْرُ صَحِيحٍ لَفْظًا لِعَدَمِ إِطْلَاقِ الْكَلِمَةِ عَلَى الشَّأْنِ، وَمَعْنًى لِأَنَّ مِنْ شُئُونِهِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَوَّذُ بِالْقَدِيمِ لَا بِالْمُحْدَثِ، وَقَدْ قَالُوا: شُئُونٌ يُبْدِيهَا وَلَا يَبْتَدُّ بِهَا فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ قَبْلَ وُجُودِهَا، وَأَيْضًا لَا يُلَائِمُهُ قَوْلُهُ (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمَخْلُوقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَخْلُوقٌ لَا يَخْلُو مِنْ شَرٍّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ مِنْهُ الشَّرُّ، وَغَفَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ: الْمَعْنَى مِمَّا فِيهِ شَرٌّ (لَمْ يَضُرَّهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا (شَيْءٌ) أَيْ: مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ حَيْثُ تَعَوَّذَ بِالْخَالِقِ، وَالْحَمْلُ عَلَى التَّعْمِيمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَنْكِيرِ شَيْءٍ الْمُفِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ ابْنِ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: مِمَّا فِيهِ ضَرَرٌ (حَتَّى يَرْتَحِلَ) أَيْ: يَنْتَقِلَ (مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ) وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ كَوْنِهِمْ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا قَالُوا: نَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي وَيَعْنُونَ بِهِ كَبِيرَ الْجِنِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْجِنِّ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: ٦] وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى حَقِيقَةِ التَّفْرِيدِ وَحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّ غَيْرَهُ تَعَالَى لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضُرًّا وَلَا يَمْلِكُ مَوْتًا وَلَا حَيَاتًا وَلَا نُشُورًا، بَلْ فِي نَظَرِ الْعَارِفِ لَيْسَ فِي الدَّارِ - غَيْرَهُ - دَيَّارٌ، وَإِنَّمَا السِّوَى فِي عَيْنِ أَهْلِ الْهَوَى كَالْهَبَاءِ فِي الْهَوَاءِ، وَلِذَا قَالَ عَارِفٌ آخَرُ: سِوَى اللَّهِ وَاللَّهِ مَا فِي الْوُجُودِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>