٢٤٢٥ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آئِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٤٢٥ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ: رَجَعَ (مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) كَأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِيعَابَ أَنْوَاعِ سَفَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (يُكَبِّرُ) أَيْ: يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ (عَلَى كُلِّ شَرَفٍ) أَيْ: مَوْضِعٍ عَالٍ (مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَوَجْهُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْعَالِيَةِ هُوَ اسْتِحْبَابُ الذِّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْأَحْوَالِ وَالتَّقَلُّبِ فِي التَّارَاتِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاعِي ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْسَى فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ اهـ. يَعْنِي أَنَّ كُلَّ زَمَانٍ يُذْكَرُ مَا يَقْتَضِيهِ وَكُلَّ مَكَانٍ يُذْكَرُ مَا يُوجِبُهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْهُبُوطِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّنْزِيهِ وَيُكَبِّرُ فِي الْعُلُوِّ الْمُلَائِمِ لِلْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ فَبَطَلَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ إِنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَزَلَ وَادِيًا سَبَّحَ» ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الطِّيبِيِّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَالذِّكْرُ أَعَمُّ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ اخْتِلَافُ الْحَالَاتِ وَتَجَدُّدُ الْمَقَامَاتِ (ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مَرَّ مَرَّاتٍ (آئِبُونَ) أَيْ: نَحْنُ آئِبُونَ أَيْ: رَاجِعُونَ إِلَى بِلَادِنَا (تَائِبُونَ) أَيْ: إِلَى رَبِّنَا (عَابِدُونَ) أَيْ: لِمَعْبُودِنَا (سَاجِدُونَ) أَيْ: لِمَقْصُودِنَا، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ سَائِحُونَ بَدَلَ سَاجِدُونَ، جَمْعُ سَائِحٍ مِنْ سَاحَ الْمَاءُ يَسِيحُ إِذَا جَرَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيْ: سَائِرُونَ لِمَطْلُوبِنَا وَدَائِرُونَ لِمَحْبُوبِنَا (لِرَبِّنَا حَامِدُونَ) أَيْ: لَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ عَلَيْنَا (صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ) أَيْ: فِي وَعْدِهِ بِإِظْهَارِ الدِّينِ (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) أَرَادَ بِهِ نَفْسَهُ النَّفِيسَةَ (وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ) أَيِ: الْقَبَائِلَ الْمُجْتَمِعَةَ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُخْتَلِفَةَ لِحَرْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحِزْبُ جَمَاعَةٌ فِيهِمْ لَغَطٌ (وَحْدَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٢٦] وَكَانُوا اثْنَىْ عَشَرَ أَلْفًا تَوَجَّهُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاجْتَمَعُوا حَوْلَهَا سِوَى مَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْيَهُودِ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ قَرِيبٌ مَنْ شَهَرٍ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلَّا التَّرَامِي بِالنَّبْلِ أَوِ الْحِجَارَةِ زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُطِيقُوا مُقَابَلَتَهُمْ فَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ يَهْرُبُونَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا لَيْلَةً سَفَّتِ التُّرَابَ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ وَقَلَّعَتْ أَوْتَادَهُمْ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَكَبَّرَتْ فِي مُعَسْكَرِهِمْ فَهَاصَتِ الْخَيْلُ وَقُذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ فَانْهَزَمُوا وَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلَنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩] وَمِنْهُ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَهُوَ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ أَحْزَابُ الْكُفَّارِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute