٢٤٤٩ - «وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ جَاءَهُ مُكَاتَبٌ فَقَالَ: إِنِّي عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي. قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ كَبِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ. قُلْ: (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) » . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي: (الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ) . وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ جَابِرٍ: " إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ " فِي بَابِ: " تَغْطِيَةِ الْأَوَانِي " إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ــ
٢٤٤٩ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ جَاءَهُ مُكَاتَبٌ) : أَيْ: لِغَيْرِهِ وَهُوَ عَبْدٌ عَلَّقَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ عَلَى إِعْطَائِهِ كَذَا بِشُرُوطٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْفِقْهِ، (فَقَالَ: إِنِّي عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي) : أَيْ: عَنْ بَدَلِهَا، وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي كَاتَبَ بِهِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ، يَعْنِي بَلَغَ وَقْتَ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لِي مَالٌ (فَأَعِنِّي) : أَيْ: بِالْمَالِ أَوْ بِالدُّعَاءِ بِسِعَةِ الْمَالِ (فَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَلَا لِلتَّنْبِيهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ، وَلَا لِلنَّفْيِ، وَسَقَطَ الْجَوَابُ بِبِلَى اخْتِصَارًا أَوْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، لِأَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ، وَالْمَعْنَى أَلَا أُخْبِرُكَ بِكَلِمَاتٍ أَوْ بِفَضِيلَةِ دَعَوَاتٍ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ (لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ كَبِيرٍ دَيْنًا) : قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: دَيْنًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْيِيزًا عَنِ اسْمِ كَانَ الَّذِي هُوَ مِثْلُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِبْهَامِ، وَعَلَيْكَ خَبَرُهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ (دَيْنًا) خَبَرَ كَانَ وَعَلَيْكَ حَالًا مِنَ الْمُسْتَتِرِ فِي الْخَبَرِ، وَالْعَامِلُ هُوَ الْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ، وَمَنْ جَوَّزَ إِعْمَالَ كَانَ فِي الْحَالِ فَظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِهِ، (أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: اكْتَفَى بِالتَّعْلِيمِ إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ يُعْطِيهِ، فَرَدَّهُ أَحْسَنَ رَدٍّ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ} [البقرة: ٢٦٣] الْآيَةَ. وَإِمَّا لِأَنَّ الْأَوْلَى بِحَالِهِ ذَلِكَ. (قُلْ) : وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: (اللَّهُمَّ اغْنِنِي) : بِهَمْزَةِ وَصْلٍ تَثْبُتُ فِي الِابْتِدَاءِ مَكْسُورَةً وَتَسْقُطُ فِي الدَّرَجِ، وَضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَلَا وَجْهَ لَهُ إِذْ هُوَ أَمْرٌ مِنْ كَفَى يَكْفِي (بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ) : أَيْ: مُتَجَاوِزًا أَوْ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ (وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ: فِي سُنَنِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ) : وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا.
(وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ جَابِرٍ: (إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ) : بِضَمِّ النُّونِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ: صِيَاحَهَا وَتَمَامُهُ عَلَى مَا فِي الْمَصَابِيحِ: (وَنَهِيقَ الْحِمَارِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) فَإِنَّهُنَّ أَيِ: الْكِلَابُ وَالْحَمِيرُ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ لِتُحْفَظُوا مِنْ شُرُورِهَا. (فِي بَابِ: تَغْطِيَةِ الْأَوَانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) : لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ نَقْلِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِلَى ذَلِكَ الْبَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute