٢٤٥٢ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ وَفِي قَبْضَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَلْهَمْتَ عِبَادَكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي مَكْنُونِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَجِلَاءَ هَمِّي. مَا قَالَهَا عَبْدٌ قَطُّ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ غَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ فَرَحًا» ) . رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٢٤٥٢ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ ") : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ الْمُخَفَّفَةِ. أَيْ: ابْنُ جَارِيَتِكَ، وَهُوَ اعْتِرَافٌ بِالْعُبُودِيَّةِ (وَفِي قَبْضَتِكَ) : أَيْ: فِي تَصَرُّفِكَ وَتَحْتَ قَضَائِكَ وَقَدَرِكَ، وَلَا حَرَكَةَ لِي وَلَا سُكُونَ إِلَّا بِأَقْدَارِكَ وَهُوَ إِقْرَارٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ، (نَاصِيَتِي بِيَدِكَ) : أَيْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: ٥٦] (مَاضٍ) : أَيْ: ثَابِتٌ وَنَافِذٌ (فِيَّ) : أَيْ: فِي حَقِّي (حُكْمُكَ) : أَيِ: الْأَمْرِيُّ أَوِ الْكَوْنِيُّ كَإِهْلَاكٍ وَإِحْيَاءٍ وَمَنْعٍ وَعَطَاءٍ، (عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ) : أَيْ: مَا قَدَّرْتَهُ عَلَيَّ لِأَنَّكَ تَصَرَّفْتَ فِي مُلْكِكَ عَلَى وَفْقِ حِكْمَتِكَ. (أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ) : أَيْ: ذَاتَكَ وَهُوَ مُجْمَلٌ، وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّنْوِيعِ الْخَاصِّ أَعْنِي قَوْلَهُ: (أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ) : أَيْ: فِي جِنْسِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، (أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ) : أَيْ: خُلَاصَتِهِمْ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ، أَوْ أَلْهَمْتَهُ عِبَادَكَ،: بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهِيَ أَسْمَاؤُهُ فِي اللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَالصَّحِيحُ وُجُودُهُ كَمَا فِي أَصْلِ السَّيِّدِ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحِصْنُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ شَرْحُ الطِّيبِيِّ، وَكَانَ ابْنُ حَجَرٍ بَنَى عَلَى النُّسْخَةِ السَّاقِطَةِ حَيْثُ قَالَ: سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَلْهَمْتَهُ لِخَوَاصِّ أَوْلِيَائِكَ. (أَوِ اسْتَأْثَرْتَ) : أَيْ: اخْتَرْتَ (بِهِ) : وَتَفَرَّدْتَ بِهِ وَاحْتَفَظْتَهُ فِي مَكْنُونِ الْغَيْبِ) : أَيْ: مَسْتُورِهِ، وَرِوَايَةُ الْحِصْنِ: فِي عِلْمِ الْغَيْبِ (عِنْدَكَ) : أَيْ: لَمْ تُلْهِمْهُ أَحَدًا وَلَمْ تُنْزِلْهُ فِي كِتَابٍ، فَ (عِنْدَ) عَلَى بَابِهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِنَّ الْعِنْدِيَّةَ هُنَا عِنْدِيَّةُ شَرَفٍ وَمَكَانَةٍ، فَإِنَّهُ بِمَا يُقَالُ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: ٥٥] (أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) : مَفْعُولُ أَسْأَلُكَ (رَبِيعَ قَلْبِي) : أَيْ: رَاحَتَهُ، وَزِيدَ فِي الْحِصْنِ: وَنُورَ بَصَرِي. قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَالسَّابِقُ وَسَائِلٌ إِلَيْهِ، فَأَظْهَرَ أَوَّلًا غَايَةَ ذِلَّتِهِ وَصَغَارِهِ وَنِهَايَةَ عَجْزِهِ وَافْتِقَارِهِ، وَثَانِيًا: بَيَّنَ عَظَمَةَ شَأْنِهِ وَجَلَالَةَ اسْمِهِ سُبْحَانَهُ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ بَقِيَّةٌ، وَأَلْطَفَ فِي الْمَطْلُوبِ حَيْثُ جَعَلَ الْمَطْلُوبَ وَسِيلَةً إِلَى إِزَالَةِ الْهَمِّ الْمَطْلُوبِ وَجَعْلِ الْقُرْآنِ رَبِيعَ الْقَلْبِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْفَرَحِ، لِأَنَّهُ الْإِنْسَانُ يَرْتَاعُ قَلْبُهُ فِي الرَّبِيعِ مِنَ الْأَزْمَانِ، وَيَمِيلُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَقُولُ: كَمَا أَنَّ الرَّبِيعَ سَبَبُ ظُهُورِ أَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا، كَذَلِكَ الْقُرْآنُ سَبَبُ ظُهُورِ تَأْثِيرِ لُطْفِ اللَّهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ، وَزَوَالِ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ وَالْهَرَمِ، (وَجِلَاءَ هَمِّي وَغَمِّي) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: إِزَالَتَهُمَا، وَسَبَقَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَفَسَّرَ الْقَامُوسُ الْغَمَّ بِالْكَرْبِ وَالْحُزْنِ، وَالْهَمَّ بِالْحُزْنِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْغَمَّ أَعَمُّ، وَفِي الْحِصْنِ بِلَفْظِ: وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي. (مَا قَالَهَا) : أَيِ: الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ (عَبْدٌ قَطُّ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ غَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ بِهِ فَرَجًا) : بِالْجِيمِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِالْجِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي الْحِصْنِ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا بِالْحَاءِ (رَوَاهُ رَزِينٌ: وَكَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute