للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٦٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ» ) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

٢٤٦٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ» ) أَيْ: فَقْرِ الْقَلْبِ، أَوْ مِنْ قَلْبٍ حَرِيصٍ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، أَوْ مِنَ الْفَقْرِ الَّذِي يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ فِي الْمَآلِ وَنِسْيَانِ ذِكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَعَالِ، أَوْ يَدْعُوهُ إِلَى سَدِّ الْخَلَّةِ بِمَا يَتَدَنَّسُ بِهِ عِرْضُهُ وَيَنْثَلِمُ بِهِ دِينُهُ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَرَادَ فَقْرَ النَّفْسِ أَعْنِي الشَّرَّ الَّذِي يُقَابِلُ غِنَى النَّفْسِ الَّذِي هُوَ قَنَاعَتُهَا، أَوْ أَرَادَ قِلَّةَ الْمَالِ، وَالْمُرَادُ الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الْفِتْنَهُ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهَا كَالْجَزَعِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: (وَالْقِلَّةِ) الْقِلَّةِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ وَخِصَالِ الْخَيْرِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْثِرُ الْإِقْلَالَ فِي الدُّنْيَا وَيَكْرَهُ الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الْأَعْرَاضِ الْفَانِيَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ أَرَادَ قِلَّةَ الْعَدَدِ أَوِ الْعُدَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ قِلَّةُ الصَّبْرِ وَقِلَّةُ الْأَنْصَارِ أَوْ قِلَّةُ الْمَالِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ كَفَافٌ مِنَ الْقُوتِ فَيَعْجِزُ عَنْ وَظَائِفِ الْعِبَادَةِ، وَفِي الْحِصْنِ: الْفَاقَةِ بَدَلَ الْقِلَّةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْفَقْرِ (وَالذِّلَّةِ) أَيْ، مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِيلًا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَسْتَخِفُّونَهُ وَيُحَقِّرُونَ شَأْنَهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الذِّلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ أَوِ التَّذْلِيلِ لِلْأَغْنِيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَسْكَنَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأَدْعِيَةِ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ وَكَشْفُ الْغُمَّةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَصْلُ الْفَقْرِ كَسْرُ فَقَارِ الظَّهْرِ، وَالْفَقْرُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: وُجُودُ الْحَاجَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَذَلِكَ عَامٌّ لِلْإِنْسَانِ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا بَلْ عَامٌّ فِي الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: ١٥] وَالثَّانِي: عَدَمُ الْمُقْتَنَيَاتِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٧٣] وَ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] وَالثَّالِثُ: فَقْرُ النَّفْسِ وَهُوَ الْمُقَابَلُ بِقَوْلِهِ (الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ) وَالْمَعْنَى بِقَوْلِهِمْ: مَنْ عَدِمَ الْقَنَاعَةَ لَمْ يُفِدْهُ الْمَالُ غِنًى، الرَّابِعُ: الْفَقْرُ إِلَى اللَّهِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْنِنِي بِالِافْتِقَارِ إِلَيْكَ وَلَا تُفْقِرْنِي بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْكَ وَإِيَّاهُ عَنَى تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤] وَالْمُسْتَعَاذُ مِنْهُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْفَقْرِ الَّذِي هُوَ فَقْرُ النَّفْسِ لَا قِلَّةُ الْمَالِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَقَدْ تَكُونُ اسْتِعَاذَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْفَقْرِ وَالْمُرَادُ الْفِتْنَةُ مِنْ عَدَمِ احْتِمَالِهِ وَقِلَّةِ الرِّضَا بِهِ وَلِذَا قَالَ: (وَفِتْنَةِ الْفَقْرِ) وَلَمْ يَقُلِ الْفَقْرَ، كَيْفَ وَقَدْ صَحَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي فَضْلِ الْفَقْرِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلِ الْفَقْرَ أَيْ: فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ فِي كَلَامِ الطِّيبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْفَقْرَ الْأَوَّلَ عَامٌّ اضْطِرَارِيٌّ وَالرَّابِعَ خَاصٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>