للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٧١ - (وَعَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٢٤٧١ - (وَعَنْ قُطْبَةَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (بْنِ مَالِكٍ) أَيِ: الثَّعْلَبِيِّ وَقِيلَ الذُّبْيَانِيِّ (قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ» ) الْمُنْكَرُ مَا لَا يُعْرَفُ حُسْنُهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ أَوْ مَا عُرِفَ قُبْحُهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَخْلَاقِ الْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ (وَالْأَعْمَالِ) أَيِ: الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ (وَالْأَهْوَاءِ) جَمْعُ الْهَوَى مَصْدَرُ هَوَاهُ إِذَا أَحَبَّهُ ثُمَّ سُمِّيَ بِالْهَوَى الْمُشْتَهَى مَحْمُودًا كَانَ أَوْ مَذْمُومًا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْمُودِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْإِضَافَةُ فِي الْقَرِينَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ قَبِيلِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ وَفِي الثَّالِثَةِ بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْأَهْوَاءَ كُلَّهَا مُنْكَرَةٌ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِضَافَاتِ كُلَّهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَيُحْمَلُ الْهَوَى عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] وَلِذَا قِيلَ: الْهَوَى إِذَا وَافَقَ الْهُدَى يَكُونُ كَالزُّبْدَةِ مَعَ الْعَسَلِ يَعْنِي فَيَحْلَى بِهِمَا الْعَمَلُ، وَقَالَ الشَّاذِلِيُّ: إِذَا شَرِبْتُ الْحُلْوَ الْبَارِدَ أَحْمَدُ رَبِّي مِنْ وَسَطِ قَلْبِي، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُبِّ الْمَاءِ الْبَارِدِ» ) أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَخْتَارُهُ النَّفْسُ مِنَ الْعَقَائِدِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: ٤٣] فَالْمُرَادُ بِالْأَهْوَاءِ مُطْلَقًا الِاعْتِقَادَاتُ، وَبِالْمُنْكَرَاتِ الْأَهْوِيَةُ الْفَاسِدَةُ الَّتِي غَيْرُ مَأْخُوذَةٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَهْوَاءُ الْمُنْكَرَةُ هِيَ الِاعْتِقَادَاتُ الْفَاسِدَةُ الْمُخَالِفَةُ لِمَا عَلَيْهِ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَكَذَا الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَزَادَ فِي الْحِصْنِ: وَالْأَدْوَاءِ، وَهِيَ جَمْعُ الدَّاءِ بِمَعْنَى سَيِّئِ الْأَسْقَامِ، وَقَالَ مِيرَكُ فِي حَاشِيَةِ الْحِصْنِ: اعْلَمْ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ السِّلَاحِ أَنَّ زِيَادَةَ (وَالْأَدْوَاءِ) فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ لَا فِي التِّرْمِذِيِّ، حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْأَهْوَاءِ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَالْأَدْوَاءِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَالْآرَاءِ، وَهَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فَتَأَمَّلْ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لِلتِّرْمِذِيِّ رِوَايَاتٍ وَطُرُقًا مُتَعَدِّدَةً وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>