قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ ثَلَاثَةَ أَيْامٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ «لَا تَحُجُّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» .
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْحَجِّ عَلَيْهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَمٌ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَلْزَمُهَا إِذَا كَانَ مَعَهَا جَمَاعَةُ النِّسَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَلْزَمُهَا إِذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ اهـ.
وَقَالَ الشُّمُنِّيُّ مَذْهَبُ مَالِكٍ إِذَا وَجَدَتِ الْمَرْأَةُ صُحْبَةً مَأْمُونَةً لَزِمَهَا الْحَجُّ لِأَنَّهُ سَفَرٌ مَفْرُوضٌ كَالْهِجْرَةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِذَا وَجَدَتْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ مَعَهُنَّ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ مُعْتَدَّةً، وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ: بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا لَيْسَ بِمَجُوسِيٍّ وَلَا غَيْرِ مَأْمُونٍ.
(فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ (فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا) . قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ كُتِبَ وَأُثْبِتَ اسْمِي فِيمَنْ يَخْرُجُ فِيهَا يُقَالُ اكْتَتَبْتُ الْكِتَابَ أَيْ كَتَبْتُهُ، وَيُقَالُ اكْتَتَبَ الرَّجُلُ إِذَا كَتَبَ نَفْسَهُ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ، وَاكْتَتَبَ أَيْضًا إِذَا طَلَبَ أَنْ يُكْتَبَ فِي الزَّمْنَى وَلَا يُنْدَبُ لِلْجِهَادِ (وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي) أَيْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ (حَاجَّةً) أَيْ مُحْرِمَةً لِلْحَجِّ، أَوْ قَاصِدَةً لَهُ يَعْنِي وَلَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَحَارِمِ (قَالَ اذْهَبْ فَاحْجُجْ) بِضَمِّ الْجِيمِ الْأُولَى (مَعَ امْرَأَتِكَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ «قَالَ ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَهَا» قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ إِذْ فِي الْجِهَادِ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute