٢٥١٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٥١٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ» ) نَفْيٌ مَعْنَاهُ نَهْيٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ النَّهْيِ ( «مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» ) فِي الْهِدَايَةِ يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ إِلَى مَا دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» ، وَأَخْرَجَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ وَفِي لَفْظٍ: يَوْمٍ وَفِي لَفْظِ أَبِي دَاوُدَ بَرِيدًا يَعْنِي فَرْسَخَيْنِ وَاثَّنَيْ عَشَرَ مِيلًا عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ ثَلَاثَةَ أَيْامٍ، فَقَالَ: وَهِمُوا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ لَيْسَ فِي هَذِهِ تَبَايُنٌ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهَا فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ الْأَسْئِلَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ تَمْثِيلًا لِأَقَلِّ الْأَعْدَادِ وَالْيَوْمُ الْوَاحِدُ أَوَّلُ الْعَدَدِ وَأَقَلُّهُ وَالِاثْنَانِ أَوَّلُ الْكَثِيرِ وَأَقَلُّهُ وَالثَّلَاثَةُ أَوَّلُ الْجَمْعِ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذَا فِي قِلَّةِ الزَّمَنِ لَا يَحِلُّ لَهَا السَّفَرُ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ فَكَيْفَ إِذَا زَادَ؟ ! اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نَبَّهَ بِمَنْعِ الْخُرُوجِ أَقَلَّ كُلِّ عَدَدٍ عَلَى مَنْعِ خُرُوجِهَا عَنِ الْبَلَدِ مُطْلَقًا إِلَّا بِمَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَنَّ حَمْلَ السَّفَرِ عَلَى اللُّغَوِيِّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ، وَالسَّفَرُ لُغَةً يُطْلَقُ عَلَى دُونِ ذَلِكَ اهـ. كَلَامُ الْمُحَقِّقِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمَحْرَمُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَالْمُسَافِرَةُ مَعَهَا كُلُّ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا فَخَرَجَتْ بِالتَّأْبِيدِ أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا وَخَرَجَتْ بِسَبَبٍ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتُهَا فَإِنَّهُمَا يُحَرَّمَانِ أَبَدًا، وَلَيْسَتَا مُحَرَّمَيْنِ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لِحُرْمَتِهَا الْمُلَاعَنَةُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عُقُوبَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ التَّحْدِيدَ، بَلْ كُلُّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ نِسَاءٌ ثِقَاتٌ سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ شَابَّةً أَوْ كَبِيرَةً نَعَمْ لِلْمَرْأَةِ الْهِجْرَةُ عَنْ دَارِ الْكُفْرِ بِلَا مَحْرَمٍ اهـ.
وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يُوشِكُ أَنَّ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ تَؤُمُّ الْبَيْتَ لَا جِوَارَ مَعَهَا لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) وَفِي مَعْنَاهَا الْمَأْسُورَةُ إِذَا خَلُصَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute