للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ حَتَّى أَهْلُ الْحَرَمِ (يُهِلُّونَ) أَيْ يُحْرِمُونَ بِالْحَجِّ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَكَّةَ تَوَابِعِهَا مِنْ أَرْضِ الْحَرَمِ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُهَّلُ مَوْضِعُ الْإِهْلَالِ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ أَيْ مَوْضِعُ الْإِحْرَامِ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ مِيقَاتُهُ مَكَّةُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمْرَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالْخُرُوجِ فَهَذَا الْحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بِالْحَجِّ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ الْجِعْرَانَةُ: لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَحْرَمَ بِهَا مِنْهَا فِي رُجُوعِهِ مِنْ حُنَيْنٍ ثَانِي عَشَرَ الْقَعْدَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ لَيْلًا وَرَجَعَ لَيْلًا خِفْيَةً» ، وَمِنْ ثَمَّ أَنْكَرَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ.

فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي أُصُولِهِ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ، خِلَافَ مَذْهَبِنَا الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ يَقَعُ اتِّفَاقِيًّا بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا قَصْدِيًّا، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ: وَالْجِعْرَانَةُ عَلَى طَرِيقِهِ، فَإِحْرَامُهُ مِنْهُ كَانَ مُتَعَيِّنًا، نَعَمْ لَوْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ فِي كَوْنِهِ أَفْضَلَ وَنَظِيرُهُ إِحْرَامُ عَلِيٍّ مِنْ يَلَمْلَمَ، حَيْثُ كَانَ عَلَى طَرِيقِهِ مِنَ الْيَمَنِ وَالشِّيعَةُ يَخْرُجُونَ مِنْ مَكَّةَ إِلَيْهِ، وَيُحْرِمُونَ لَدَيْهِ وَهُوَ عَكْسُ الْمَوْضُوعِ، بَلْ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّ إِحْرَامَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ كَانَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ، بَلْ كَانَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَذَا كَانَ إِحْرَامُهُ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَقَدْ وَهِمَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>