٢٥١٨ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ: إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٥١٨ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمَرٍ» ) عَلَى زِنَةِ عُمَرَ لَكِنَّهُ مَصْرُوفٌ جَمْعُ عُمْرَةٍ (كُلُّهُنَّ) أَيْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ (فِي ذِي الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَيُكْسَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَرَّةِ أَوِ الْهَيْئَةِ (إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا (عُمْرَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ بِقَوْلِهِ (مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ) بِالتَّخْفِيفِ وَيُشَدَّدُ أَحَدُ حُدُودِ الْحَرَمِ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ (فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ) وَهِيَ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ (فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ أَوْ تِسْعَةِ أَمْيَالٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (حَيْثُ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ) أَيْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ (فِي ذِي الْقَعْدَةِ) أَيْ كَانَتْ فِيهَا (وَعُمْرَةً) أَيْ مَقْرُونَةً مَعَ حَجَّتِهِ وَهِيَ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ إِحْرَامِهَا كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَفْعَالِهَا، وَحِينَئِذٍ يُرَدُّ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ مِنْ تَدَاخُلِ الْأَفْعَالِ لِلْقَارِنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهَا حَقِيقَةً بَلْ حُكْمًا، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ، ثُمَّ قَوْلُ أَنَسٍ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ مُحْرِمًا بِهَا، إِلَّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صُدَّ عَنْهُ وَأُحْصِرَ مِنْهُ، فَفِي الْجُمْلَةِ إِطْلَاقُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ أَفْعَالِهَا، بِاعْتِبَارِ النِّيَّةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا الْمَثُوبَةُ.
ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ بَيْنَ حِدَّةٍ بِالْمُهْمَلَةِ وَمَكَّةَ، تُسَمَّى الْآنَ بِئْرَ شُمَيْسٍ بِالتَّصْغِيرِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ سِتَّةُ فَرَاسِخَ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ ثَلَاثُ فَرَاسِخَ وَكَذَا كَانَ إِحْرَامُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ.
وَتَأْوِيلُ الشَّافِعِيَّةِ الْقَضَاءَ بِالْقَضِيَّةِ مِنَ الْمُقَاضَاةِ وَالتَّقَاضِي وَهُوَ الصُّلْحُ نَشَأَ مِنَ الْمَادَّةِ التَّعَصُّبِيَّةِ، وَبَحْثُهُ يَطُولُ فَأَعْرَضْنَا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، مَعَ أَنَّهُ فِي قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ مُحْرِمًا، وَأَنَّهُمْ يُمَكِّنُونَهُ مِنْ مَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيْامٍ حَتَّى يَقْضِيَ عُمْرَتَهُ: حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَبَيِّنَةٌ بَاهِرَةٌ عَلَيْهِ وَمَنْ مَالَ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمَّا قَدِمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنَ الطَّائِفِ، نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ وَقَسَّمَ فِيهَا الْغَنَائِمَ، ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْهَا وَذَلِكَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ» ، فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمُحَدِّثِينَ مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute