وَالْخِطَابُ إِجْمَالِيٌّ لِلْأُمَّةِ أَوْ لِلْحَاضِرِينَ وَالْبَاقُونَ عَلَى التَّبَعِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي رِوَايَةٍ وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا أَيْ كُلُّكُمْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ وَإِمَّا عَطْفُ تَغَايُرٍ وَعَدَمُ الِاسْتِطَاعَةِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ يَكُونُ بَعِيدًا عَنِ الْحَرَمِ، وَهَذِهِ الِاسْتِطَاعَةُ أُرِيدَ بِهَا الْقُدْرَةُ عَلَى الْفِعْلِ، وَالِاسْتِطَاعَةُ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا هِيَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ فِي قَوْلِهِ لَوْ قُلْتُهَا نَعَمْ إِنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ حَجَّةٌ كُلَّ عَامٍ فَلَا طَائِلَ تَحْتَهُ، لَا بِحَسَبِ الْمَبْنَى وَلَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى (الْحَجُّ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ وَالْحَجُّ (مَرَّةٌ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ وُجُوبُهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ (وَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ) أَيْ وَمَنْ زَادَ عَلَى مَرَّةٍ فَحَجَّتُهُ أَوْ فَزِيَادَتُهُ تَطَوُّعٌ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا الْحَجُّ فَرْضُ كِفَايَةٍ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْقَادِرِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْحَجَّ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " «قَالَ إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ فَهُوَ مَحْرُومٌ» " وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا زَعْمُ وُجُوبِهِ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ فَمِنَ الْمُحَالِ إِمْكَانُهُ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ عَلَى هَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) أَيْ فِي مُسْنَدِهِ (وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ الشُّمُنِّيُّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute