٢٥٢٧ - وَعَنْهُ قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا الْحَاجُّ. قَالَ: الشَّعِثُ التَّفِلُ فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ قَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السَّبِيلُ قَالَ: زَادٌ وَرَاحِلَةٌ» (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ) .
ــ
٢٥٢٧ - (وَعَنْهُ) أَيْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ (قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا الْحَاجُّ» ) أَيِ الْكَامِلُ، وَالْمَعْنَى مَا صِفَةُ الْحَاجِّ الَّذِي يَحُجُّ، أَوْ يَكُونُ مَا بِمَعْنَى مَنْ قَالَ الطِّيبِيُّ يُسْأَلُ بِمَا عَنِ الْجِنْسِ وَعَنِ الْوَصْفِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي بِجَوَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (قَالَ: الشَّعِثُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيِ الْمُغَبَّرُ الرَّأْسِ مِنْ عَدَمِ الْغَسْلِ، مُفَرَّقُ الشَّعْرِ مِنْ عَدَمِ الْمَشْطِ، وَحَاصِلُهُ تَارِكُ الزِّينَةِ، (التَّفِلُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تَارِكُ الطِّيبِ، فَيُوجَدُ مِنْهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مِنْ تَفَلَ الشَّيْءَ مِنْ فِيهِ إِذَا رَمَى بِهِ مُتَكَرِّهًا لَهُ، (فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحَجِّ) أَيْ أَعْمَالِهِ أَوْ خِصَالِهِ بَعْدَ أَرْكَانِهِ، (أَفْضَلُ) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا، (قَالَ الْعَجُّ وَالثَّجُّ) بِتَشْدِيدِهِمَا وَالْأَوَّلُ رَفَعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّانِي سَيَلَانُ دِمَاءِ الْهَدْيِ، وَقِيلَ دِمَاءِ الْأَضَاحِي.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ عَنْ نَفْسِ الْحَجِّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ مَا فِيهِ الْعَجُّ وَالثَّجُّ، وَقِيلَ عَلَى هَذَا يُرَادُ بِهِمَا الِاسْتِيعَابُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلَهُ الَّذِي هُوَ الْإِحْرَامُ، وَآخِرَهُ الَّذِي هُوَ التَّحَلُّلُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ، اقْتِصَارًا بِالْمَبْدَأِ وَالْمُنْتَهَى عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ، أَيِ الَّذِي اسْتَوْعَبَ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ وَالْمَنْدُوبَاتِ، (فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السَّبِيلُ) أَيِ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] وَقَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ أَيْ مَا اسْتِطَاعَةُ السَّبِيلِ غَيْرُ صَحِيحٍ، (قَالَ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَلِيقَانِ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْوَسَطُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ الْحَاجِّ، (رَوَاهُ) أَيْ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ، (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) أَيِ الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ مُسْنَدًا، (وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ) أَيِ الْحَدِيثَ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (فِي سُنَنِهِ إِلَّا أَنَّهُ) أَيِ ابْنَ مَاجَهْ لَمْ يَذْكُرِ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ) أَيْ مِنَ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْآخَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَامَ آخَرُ، وَالْفَصْلُ هُنَا بِمَعْنَى الْفِقْرَةِ فِي الْكَلَامِ فَتَدَبَّرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute