٢٥٩٣ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ؛ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» ) . (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
ــ
٢٥٩٣ - (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " نَحَرْتُ هَاهُنَا) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ: إِشَارَةً إِلَى مِنًى اهـ. وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مَوْضِعٌ مَخْصُوصٌ مِنْ مَوَاضِعِ مِنًى لِقَوْلِهِ: (وَمِنًى) : مُبْتَدَأٌ (كُلُّهَا) : أَيْ: كُلُّ مَوَاضِعِهَا تَأْكِيدٌ (مَنْحَرٌ) : أَيْ: مَحَلُّ نَحْرٍ، وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّحْرَ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْحَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: (نَحَرْتُ هَاهُنَا) أَيْ: فِي مَحَلِّ مَنْحَرِهِ الْمَشْهُورِ، وَقَدْ بُنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى: مَسْجِدَ النَّحْرِ، أَحَدُهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ، وَالْآخَرُ مُنْحَرِفٌ عَنْهَا، قِيلَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرُوهُ بِمَحَلِّ نَحْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ) : أَيْ: مَنَازِلِكُمْ (وَوَقَفْتُ هَاهُنَا) أَيْ: قُرْبَ الصَّخَرَاتِ (وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ) : أَيْ: إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ (وَوَقَفْتُ هَاهُنَا) أَيْ: عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَهُوَ الْبِنَاءُ الْمَوْجُودُ بِهَا الْآنَ (وَجَمْعٌ) أَيِ: الْمُزْدَلِفَةُ (كُلُّهَا مَوْقِفٌ) أَيْ: إِلَّا وَادِيَ مُحَسِّرٍ، قِيلَ: (جَمْعٌ) عَلَمٌ لِمُزْدَلِفَةَ ; لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهِ، وَقِيلَ ; لِاقْتِرَابِهَا مِنْ مِنًى، مِنَ الِازْدِلَافِ: الِاقْتِرَابِ، وَالدَّالُ مُبْدَلَةٌ مِنَ التَّاءِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} [التكوير: ١٣] وَقَوْلِهِ {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] أَيْ: قُرْبَى.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْإِشَارَاتِ صَادِرَةً فِي بُقْعَةٍ أُخْرَى، وَأَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ بِنَاءً عَلَى اسْتِحْضَارِ الْبُقْعَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَالَ الْإِشَارَةِ فِي خَيَالِ الْمُخَاطَبِ، فَلِذَا قَالَ (هَاهُنَا) فِي الْكُلِّ وَلَمْ يَقُلْ (هُنَاكَ) أَوْ (ثَمَّةَ) اهـ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي ; فَالْبُقْعَةُ الْوَاحِدَةُ إِنَّمَا هِيَ مِنًى لِقَوْلِهِ: " نَحَرْتُ " وَالْأَوَامِرُ فِي الْحَدِيثِ لِلرُّخْصَةِ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute