الْفَصْلُ الثَّانِي
٢٥٩٥ - عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ خَالٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ شَيْبَانَ، قَالَ: «كُنَّا فِي مَوْقِفٍ لَنَا بِعَرَفَةَ يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو مِنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ جِدًّا، فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ ; يَقُولُ لَكُمْ: " قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ــ
٢٥٩٥ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ) أَيِ: الْجُمَحِيِّ الْقُرَشِيِّ مِنَ التَّابِعِينَ (عَنْ خَالٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ شَيْبَانَ) أَيِ: الْأَزْدِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ، وَيُذْكَرُ فِي " الْوُحْدَانِ ". (قَالَ) أَيْ: يَزِيدُ (كُنَّا فِي مَوْقِفٍ لَنَا) أَيْ: أَسْلَافُنَا كَانُوا يَقِفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (بِعَرَفَةَ يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو) أَيْ: يَصِفُهُ بِالْبُعْدِ (مِنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ جِدًّا) أَيْ: يَجِدُّ جِدًّا فِي التَّبْعِيدِ، أَيْ: بُعْدًا كَثِيرًا، فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: " يُبَاعِدُهُ " مُتَأَخِّرٌ عَنْ مُتَعَلِّقِهِ، فَإِمَّا عَلَى كَوْنِهِ مَصْدَرًا أَيْ: يُبْعِدُهُ تَبْعِيدًا جِدًّا، أَيْ: كَثِيرًا، أَوْ عَلَى الْحَالِيَّةِ.
وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ أَيْ: بِقَوْلِهِ: هُوَ بَعِيدٌ مِنْهُ جِدًّا، أَوْ بِذِكْرِهِ حُدُودَ مِوْقَفِهِمْ - بِكَسْرِ الْمِيمِ - الْمَعْلُومِ مِنْهُ أَنَّهُ بِعِيدٌ اهـ. وَوَجْهُ غَرَابَتِهِ لَا يَخْفَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: " مِوْقَفِهِمْ " بِكَسْرِ الْمِيمِ لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَلَا دِرَايَةً.
قِيلَ: عَمْرٌو هُوَ الرَّاوِي، يَعْنِي: قَالَ عَمْرٌو: كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ، وَبَيْنَ مَوْقِفِ إِمَامِ الْحَاجِّ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ. (فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ زَيْدٌ، وَقِيلَ: يَزِيدُ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. (الْأَنْصَارِيُّ) صِفَةُ الْمُضَافِ (فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ) وَفِي أَصْلِ ابْنِ حَجَرٍ: سَقَطَ (رَسُولِ) الثَّانِي، فَتَحَذَّرْ (يَقُولُ) : أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكُمْ: " قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ " أَيِ: اثْبُتُوا فِي مَوَاقِفِكُمْ، وَاجْعَلُوا وُقُوفَكُمْ فِي أَمَاكِنِكُمْ، جَمْعُ الْمَشْعَرِ، وَهُوَ الْعَلَمُ أَيْ: مَوْضِعُ النُّسُكِ، وَالْعِبَادَةِ (وَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثِ) : أَيْ: مُتَابَعَةٍ (مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ) : (مِنْ) لِلْبَيَانِ أَوْ لِلتَّبْعِيضِ (إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨]- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَقْصُودُ دَفْعُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَوْقِفَ مَا اخْتَارَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَطْيِبُ خَاطِرِهِمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى إِرْثِ أَبِيهِمْ، وَسُنَّتِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute